للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْأَوَّلُ: إنَّمَا ثَبَتَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.

وَالثَّانِي: إنَّمَا يُعْرَفُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ.

وَالثَّالِثُ: إنَّمَا يُعْرَفُ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ الْغَرَائِبِ ضَعِيفَةٌ.

وَأَمَّا الْحَسَنُ فِي اصْطِلَاحِ التِّرْمِذِيِّ فَهُوَ مَا رُوِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَلَيْسَ فِي رِوَايَتِهِ مَنْ هُوَ مُتَّهَمٌ بِالْكَذِبِ، وَلَا هُوَ شَاذٌّ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، فَهَذِهِ الشُّرُوطُ هِيَ الَّتِي شَرَطَهَا التِّرْمِذِيُّ فِي الْحَسَنِ، لَكِنْ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ قَدْ يُسَمَّى حَسَنًا مَا لَيْسَ كَذَلِكَ مِثْلُ حَدِيثٍ يَقُولُ فِيهِ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، فَإِنَّهُ لَمْ يُرْوَ إلَّا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَقَدْ سَمَّاهُ حَسَنًا، وَقَدْ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ غَرِيبًا لَمْ يُرْوَ إلَّا عَنْ تَابِعِيٍّ وَاحِدٍ، لَكِنْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ فَصَارَ حَسَنًا لِتَعَدُّدِ طُرُقِهِ عَنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ، وَهُوَ فِي أَصْلِهِ غَرِيبٌ.

وَكَذَلِكَ الصَّحِيحُ الْحَسَنُ الْغَرِيبُ، قَدْ يَكُونُ لِأَنَّهُ رُوِيَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ غَرِيبٍ، ثُمَّ رُوِيَ عَنْ الرَّاوِي الْأَصْلِيِّ بِطَرِيقٍ صَحِيحٍ وَطَرِيقٍ آخَرَ، فَيَصِيرُ بِذَلِكَ حَسَنًا مَعَ أَنَّهُ صَحِيحٌ غَرِيبٌ، لِأَنَّ الْحَسَنَ مَا تَعَدَّدَ طُرُقُهُ، وَلَيْسَ فِيهَا مُتَّهَمٌ، فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا مِنْ الطَّرِيقَيْنِ فَهَذَا صَحِيحٌ مَحْضٌ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الطَّرِيقِينَ لَمْ تُعْلَمْ صِحَّتُهُ فَهَذَا حَسَنٌ.

وَقَدْ يَكُونُ غَرِيبَ الْإِسْنَادِ فَلَا يُعْرَفُ بِذَلِكَ الْإِسْنَادِ إلَّا مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ، وَهُوَ حَسَنُ الْمَتْنِ، لِأَنَّ الْمَتْنَ رُوِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَلِهَذَا يَقُولُ: وَفِي الْبَابِ عَنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ، فَيَكُونُ لِمَعْنَاهُ شَوَاهِدُ تَبَيَّنَ أَنَّ مَتْنَهُ حَسَنٌ وَإِنْ كَانَ إسْنَادُهُ غَرِيبًا. وَإِذَا قَالَ مَعَ ذَلِكَ إنَّهُ صَحِيحٌ حَسَنٌ، فَيَكُونُ قَدْ ثَبَتَ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحٍ، وَرُوِيَ مِنْ طَرِيقٍ حَسَنٍ، فَاجْتَمَعَ فِيهِ الصِّحَّةُ وَالْحُسْنُ.

وَقَدْ يَكُونُ غَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ لَا يُعْرَفُ بِذَلِكَ الْإِسْنَادِ إلَّا مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ.

وَإِنْ كَانَ هُوَ صَحِيحًا مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ فَقَدْ يَكُونُ صَحِيحًا غَرِيبًا، وَهَذَا لَا شُبْهَةَ فِيهِ، وَإِنَّمَا الشُّبْهَةُ فِي اجْتِمَاعِ الْحَسَنِ وَالْغَرِيبِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ غَرِيبًا حَسَنًا ثُمَّ صَارَ حَسَنًا، وَقَدْ يَكُونُ حَسَنًا غَرِيبًا كَمَا ذُكِرَ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>