للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِغَيْرِهِمْ ثَانِيًا إلَّا لِحَاجَةٍ أَوْ مَصْلَحَةٍ، مِثْلُ: أَنْ يَكُونَ لَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ غَيْرُهُ، أَوْ هُوَ أَحَقُّ الْحَاضِرِينَ بِالْإِمَامَةِ، لِكَوْنِهِ أَعْلَمَهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، أَوْ كَانُوا مُسْتَوِينَ فِي الْعِلْمِ، وَهُوَ أَسْبَقُهُمْ إلَى هِجْرَةِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، أَوْ أَقْدَمُهُمْ سِنًّا.

فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: عَنْ النَّبِيِّ «أَنَّهُ قَالَ: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا» .

فَقَدَّمَ النَّبِيُّ.

بِالْفَضِيلَةِ فِي الْعِلْمِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْعِلْمِ، قُدِّمَ بِالسَّبْقِ إلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ.

وَقُدِّمَ السَّابِقُ بِاخْتِيَارِهِ وَهُوَ الْمُهَاجِرُ عَلَى مَنْ سَبَقَ بِخَلْقِ اللَّهِ لَهُ وَهُوَ الْكَبِيرُ السِّنُّ.

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ: عَنْ النَّبِيِّ «أَنَّهُ قَالَ: الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ» .

فَمَنْ سَبَقَ إلَى هِجْرَةِ السَّيِّئَاتِ بِالتَّوْبَةِ مِنْهَا، فَهُوَ أَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً فَيُقَدَّمُ فِي الْإِمَامَةِ، فَإِذَا حَضَرَ مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ.

وَكَانَ قَدْ صَلَّى فَرْضَهُ فَإِنَّهُ يَؤُمُّهُمْ كَمَا أَمَّ النَّبِيُّ

لِطَائِفَةٍ بَعْدَ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ مَرَّتَيْنِ، وَكَمَا كَانَ مُعَاذٌ يُصَلِّي ثُمَّ يَؤُمُّ قَوْمَهُ أَهْلَ قُبَاءَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَحَقَّهُمْ بِالْإِمَامَةِ، وَقَدْ ادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ حَدِيثَ مُعَاذٍ مَنْسُوخٌ، وَلَمْ يَأْتُوا عَلَى ذَلِكَ بِحُجَّةٍ صَحِيحَةٍ، وَمَا ثَبَتَ مِنْ الْأَحْكَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، لَا يَجُوزُ دَعْوَى نَسْخِهِ بِأُمُورٍ مُحْتَمَلَةٍ لِلنَّسْخِ وَعَدَمِ النَّسْخِ، وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ قَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِهِ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ، إذَا صَلَّى عَلَيْهَا الرَّجُلُ إمَامًا ثُمَّ قَدِمَ آخَرُونَ، فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ إذَا كَانَ أَحَقَّهُمْ بِالْإِمَامَةِ، وَلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>