للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالسَّيِّئَةُ الَّتِي يَهُمُّ بِهَا الْعَبْدُ إذَا كَانَتْ مِنْ إلْقَاءِ الشَّيْطَانِ عَلِمَ بِهَا الشَّيْطَانُ، وَالْحَسَنَةُ الَّتِي يَهُمُّ بِهَا الْعَبْدُ إذَا كَانَتْ مِنْ إلْقَاءِ الْمَلَكِ عَلِمَ بِهَا الْمَلَكُ أَيْضًا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَإِذَا عَلِمَ بِهَا هَذَا الْمَلَكُ أَمْكَنَ عِلْمُ الْمَلَائِكَةِ الْحَفَظَةِ لِأَعْمَالِ بَنِي آدَمَ

[مَسْأَلَةٌ فِي رَجُلَيْنِ تَنَازَعَا فِي سَبِّ أَبِي بَكْرٍ]

. ١٠٤٩ - ٢٥ مَسْأَلَةٌ:

فِي رَجُلَيْنِ تَنَازَعَا فِي سَبِّ أَبِي بَكْرٍ أَحَدُهُمَا يَقُولُ: يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْآخَرُ لَا يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ

؟ الْجَوَابُ: الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: ٥٣] فَقَدْ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ يَغْفِرُ لِلتَّائِبِ الذُّنُوبَ جَمِيعًا وَلِهَذَا أَطْلَقَ وَعَمَّمَ وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨] فَهَذَا فِي غَيْرِ التَّائِبِ، وَلِهَذَا قُيِّدَ وَخُصِّصَ، وَلَيْسَ سَبُّ بَعْضِ الصَّحَابَةِ بِأَعْظَمَ مِنْ سَبِّ الْأَنْبِيَاءِ، أَوْ سَبِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ يَسُبُّونَ نَبِيَّنَا سِرًّا بَيْنَهُمْ إذَا تَابُوا وَأَسْلَمُوا، قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى: «سَبُّ صَحَابَتِي ذَنْبٌ لَا يُغْفَرُ» كَذِبٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ.

وَالشِّرْكُ الَّذِي لَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ يَغْفِرُهُ لِمَنْ تَابَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا يُقَالُ إنَّ فِي ذَلِكَ حَقًّا لِآدَمِيٍّ، يُجَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَ بِتَوْبَةِ السَّارِقِ، وَالْمُلَقِّبِ، وَنَحْوِهِمَا مِنْ الذُّنُوبِ مَتَى تَعَلَّقَ بِهَا حُقُوقُ الْعِبَادِ كَقَوْلِهِ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: ٣٨] .

{فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: ٣٩] وَقَالَ: {وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات: ١١] وَمِنْ تَوْبَةِ مِثْلِ هَذَا أَنْ يُعَوِّضَ

<<  <  ج: ص:  >  >>