للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ الْجَزَاءُ لِحَقِّ اللَّهِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ لِحَقِّ الْمَالِكِ، وَلَوْ زَنَى لَأَفْسَدَ إحْرَامَهُ كَمَا يُفْسِدُهُ بِنِكَاحِ امْرَأَتِهِ وَلَاسْتَحَقَّ حَدَّ الزِّنَا مَعَ ذَلِكَ.

وَعَلَى هَذَا فَمَنْ لَبِسَ فِي الصَّلَاةِ مَا يَحْرُمُ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا كَالثِّيَابِ الَّتِي فِيهَا خُيَلَاءُ، وَفَخْرٌ: كَالْمُسْبَلَةِ، وَالْحَرِيرِ، كَانَ أَحَقَّ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ مِنْ الثَّوْبِ النَّجِسِ، وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِي السُّنَنِ: «إنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ صَلَاةَ مُسْبِلٍ» وَالثَّوْبُ النَّجِسُ فِيهِ نِزَاعٌ.

وَفِي قَدْرِ النَّجَاسَةِ نِزَاعٌ، وَالصَّلَاةُ فِي الْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ حَرَامٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ بَعْدَ النِّدَاءِ إذَا كَانَ قَدْ نُهِيَ عَنْهُ وَغَيْرُهُ مُشْغِلُ عَنْ الْجُمُعَةِ كَانَ ذَلِكَ أَوْكَدَ فِي النَّهْيِ، وَكُلُّ مُشْتَغِلٍ عَنْهَا فَهُوَ شَرٌّ وَفَسَادٌ لَا خَيْرَ فِيهِ، وَالْمِلْكُ الْحَاصِلُ بِذَلِكَ كَالْمِلْكِ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ إلَّا بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ وَغَضَبِهِ وَمُخَالَفَتِهِ: كَاَلَّذِي لَا يَحْصُلُ إلَّا بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَعَاصِي، مِثْلُ: الْكُفْرِ، وَالسِّحْرِ، وَالْكِهَانَةِ، وَالْفَاحِشَةِ.

وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ: «حُلْوَانُ الْكَاهِنِ خَبِيثٌ، وَمَهْرُ الْبَغْيِ خَبِيثٌ» فَإِذَا كُنْت لَا أَمْلِكُ السِّلْعَةَ إنْ لَمْ أَتْرُكْ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ كَانَ حُصُولُ الْمِلْكِ سَبَبَ تَرْكِ الصَّلَاةِ، كَمَا أَنَّ حُصُولَ الْحُلْوَانِ وَالْمَهْرِ بِالْكِهَانَةِ وَالْبِغَاءِ، وَكَمَا لَوْ قِيلَ لَهُ: إنْ تَرَكْت الصَّلَاةَ الْيَوْمَ أَعْطَيْنَاك عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَإِنَّ مَا يَأْخُذُهُ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ خَبِيثٌ.

كَذَلِكَ مَا يَمْلِكُهُ بِالْمُعَاوَضَةِ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ خَبِيثٌ،

وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يُصَلِّيَ كَانَ هَذَا الشَّرْطُ بَاطِلًا وَكَانَ مَا يَأْخُذُهُ عَنْ الْعَمَلِ الَّذِي يَعْمَلُهُ بِمِقْدَارِ الصَّلَاةِ خَبِيثٌ مَعَ أَنَّ جِنْسَ الْعَمَلِ بِالْأُجْرَةِ جَائِزٌ.

كَذَلِكَ جِنْسُ الْمُعَاوَضَةِ جَائِزٌ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَعَدَّى عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ، وَإِذَا حَصَلَ الْبَيْعُ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَتَعَذَّرَ الرَّدُّ فَلَهُ نَظِيرُ ثَمَنِهِ الَّذِي أَدَّاهُ وَيَتَصَدَّقُ بِالرِّبْحِ وَالْبَائِعُ لَهُ نَظِيرُ سِلْعَتِهِ، وَيَتَصَدَّقُ بِرِبْحٍ إنْ كَانَ رَبِحَ، وَلَوْ تَرَاضَيَا بِذَلِكَ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَمْ يَنْفَعْ.

فَإِنَّ النَّهْيَ هُنَا لِحَقِّ اللَّهِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ تَرَاضَيَا بِمَهْرِ الْبَغْيِ.

وَهُنَاكَ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ لَا يُعْطَى لِلزَّانِي، وَكَذَلِكَ فِي الْخَمْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا أَخَذَ صَاحِبُهُ مَنْفَعَةَ مُحَرَّمَةً فَلَا يُجْمَعُ لَهُ الْعِوَضُ وَالْمُعَوَّضُ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَعْظَمُ إثْمًا مِنْ بَيْعِهِ فَإِذَا كَانَ لَا يَحِلُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>