للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧] وَجَعَلَ التَّوَكُّلَ عَلَى اللَّهِ وَحْدَهُ بِقَوْلِهِ: {وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ} [آل عمران: ١٧٣] وَلَمْ يَقُلْ وَرَسُولُهُ، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: ١٧٣] وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: ٦٤] أَيْ حَسْبُكَ وَحَسْبُ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا قَالَ: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: ٣٦] .

ثُمَّ قَالَ: {سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ} [التوبة: ٥٩] فَجَعَلَ الْإِيتَاءَ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ، وَقَدَّمَ ذِكْرَ الْفَضْلِ؛ لِأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاَللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ، وَلَهُ الْفَضْلُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَقَالَ: {إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} [التوبة: ٥٩] فَجَعَلَ الرَّغْبَةَ إلَى اللَّهِ وَحْدَهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} [الشرح: ٧] {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح: ٨] وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِابْنِ عَبَّاسٍ: «إذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ» .

وَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى مِثْلِ هَذَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ.

فَجَعَلَ الْعِبَادَةَ وَالْخَشْيَةَ وَالتَّقْوَى لِلَّهِ، وَجَعَلَ الطَّاعَةَ وَالْمَحَبَّةَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، كَمَا فِي قَوْلِ نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} [نوح: ٣] وَقَوْلِهِ: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور: ٥٢] وَأَمْثَالِ ذَلِكَ فَالرُّسُلُ أُمِرُوا بِعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ وَالرَّغْبَةِ إلَيْهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ، وَالطَّاعَةِ لَهُمْ.

فَأَضَلَّ الشَّيْطَانُ النَّصَارَى وَأَشْبَاهَهُمْ فَأَشْرَكُوا بِاَللَّهِ وَعَصَوْا الرَّسُولَ فَاتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>