للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْعُلَمَاءِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَتْ نَجَاسَةٌ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ هَلْ يَقْتَضِي الْقِيَاسُ فِيهِ أَنَّ النَّجَاسَةَ كَاخْتِلَاطِ الْحَلَالِ بِالْحَرَامِ إلَى حِينِ يَقُومُ الدَّلِيلُ عَلَى تَطْهِيرِهِ، أَوْ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ طَهَارَتُهُ إلَى أَنْ تَظْهَرَ النَّجَاسَةُ فِيهِ قَوْلَانِ. وَالثَّانِي الصَّوَابُ. وَالْمَائِعَاتُ كُلُّهَا حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَاءِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ.

وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَمَذْهَبُ الزُّهْرِيِّ، وَالْبُخَارِيِّ، وَحُكِيَ رِوَايَةً عَنْ مَالِكٍ، وَذُكِرَ فِي " شَرْحِ الْعُمْدَةِ " أَنَّ نَجَاسَةَ الْمَاءِ لَيْسَتْ عَيْنِيَّةً، لِأَنَّهُ يُطَهِّرُ غَيْرَهُ، فَنَفْسُهُ أَوْلَى. وَفِي الثِّيَابِ الْمُشْتَبِهَةِ بِنَجَسٍ أَنَّهُ يَتَحَرَّى وَيُصَلِّي فِي وَاحِدٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ سَوَاءً قَلَّتْ الطَّاهِرَةُ أَوْ كَثُرَتْ. ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ وَمُنَاظَرَاتِهِ ".

قُلْت: وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ، قَالَ: وَهُوَ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ مَالِكٍ كَمَا يَتَحَرَّى فِي الْقِبْلَةِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ كَثُرَ عَدَدُ الثِّيَابِ تَحَرَّى دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ، وَإِنْ قَلَّ عَمِلَ بِالْيَقِينِ. وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذَا سَقَطَ عَلَيْهِ مَاءٌ مِنْ مِيزَابٍ وَنَحْوِهِ، وَلَا أَمَارَةَ عَلَى النَّجَاسَةِ لَمْ يَلْزَمْ السُّؤَالُ عَنْهُ، بَلْ يُكْرَهُ، وَإِنْ سُئِلَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ رَدُّ الْجَوَابِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَاسْتَحَبَّ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَغَيْرُهُمْ السُّؤَالَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَأَضْعَفُ مِنْهُ مَنْ أَوْجَبَهُمَا. قَالَ الْأَزَجِيُّ: إنْ عَلِمَ الْمَسْئُولُ نَجَاسَتَهُ وَجَبَ الْجَوَابُ. وَإِلَّا فَلَا، وَإِذَا شَكَّ فِي النَّجَاسَةِ هَلْ أَصَابَتْ الثَّوْبَ أَوْ الْبَدَنَ فَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَأْمُرُ بِنَضْحِهِ، وَيَجْعَلُ حُكْمَ الْمَشْكُوكِ فِيهِ النَّضْحَ، كَمَا يَقُولُهُ مَالِكٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُوجِبُهُ، فَإِذَا احْتَاطَ وَنَضَحَ كَانَ حَسَنًا، كَمَا رُوِيَ فِي نَضْحِ أَنَسٍ لِلْحَصِيرِ الَّذِي قَدْ اسْوَدَّ، وَنَضَحَ عُمَرُ ثَوْبَهُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ.

[بَابُ الْآنِيَةِ]

يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ آنِيَةِ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَاِتِّخَاذُهَا. ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي " الْخِلَافِ ".

وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ إنَاءٍ مُفَضَّضٍ إذَا كَانَ كَثِيرًا، وَلَا يُكْرَهُ يَسِيرٌ لِحَاجَةٍ، وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهَا، وَنَصُّ عَلَى التَّفْضِيلِ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ، رَأْسُ الْمُكْحُلَةِ وَالْمِيلُ، وَحَلْقَةُ الْمَرْأَةِ إذَا كَانَتْ مِنْ فِضَّةٍ فَهِيَ مِنْ الْآنِيَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>