للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِوُجُوبِهَا فِي الطَّهَارَتَيْنِ، وَعَدَمِ تَوْقِيتِهَا، وَأَنَّ الْجَبِيرَةَ بِمَنْزِلَةِ بَاقِي الْبَشَرَةِ، إلَّا أَنَّ الْفَرْضَ اسْتَتَرَ بِمَا يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَيْهِ، فَانْتَقَلَ الْفَرْضُ إلَى الْحَائِلِ فِي الطَّهَارَتَيْنِ، كَمَا يَنْتَقِلُ الْوُضُوءُ إلَى مَنْبَتِ الشَّعْرِ فِي الْوَجْهِ، وَالرَّأْسِ لِلْمَشَقَّةِ لَا لِلشَّعْرِ، وَهَذَا قَوِيٌّ عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ الطَّهَارَةَ لِشَدِّهَا.

فَأَمَّا مَنْ اشْتَرَطَ الطَّهَارَةَ لِشَدِّهَا فَأَلْحَقَهَا الْحَوَائِلَ الْبَنِيلِيَّةَ فَتُنْتَقَضُ الطَّهَارَةُ بِزَوَالِهَا كَالْعِمَامَةِ وَالْخُفِّ، وَيُتَوَجَّهُ أَنْ تَنْبَنِيَ هَذِهِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ.

قُلْت: الْبَدَلُ عِنْدَنَا فِي حَلِّ الْجَبِيرَةِ إنْ كَانَ بَعْدَ الْبُرْءِ، وَإِلَّا فَكَالْخُفِّ إذَا خَلَعَهُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا كَذَلِكَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابُ مَا ظُنَّ نَاقِضًا وَلَيْسَ بِنَاقِضٍ]

ٍ وَالْأَحْدَاثُ اللَّازِمَةُ: كَدَمِ الِاسْتِحَاضَةِ، وَسَلَسِ الْبَوْلِ لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ مَا لَمْ يُوجَدْ الْمُعْتَادُ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ.

وَالدَّمُ، وَالْقَيْءُ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ النَّجَاسَاتِ الْخَارِجَةِ مِنْ غَيْرِ الْمَخْرَجِ الْمُعْتَادِ: لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَلَوْ كَثُرَتْ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ. قُلْت: اخْتَارَهُ الْأَجْرُمِيُّ فِي غَيْرِ الْقَيْءِ. وَالنَّوْمُ: لَا يَنْقُضُ مُطْلَقًا إنْ ظَنَّ بَقَاءَ طَهَارَتِهِ، وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ رِوَايَةٍ حُكِيَتْ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ النَّوْمَ لَا يَنْقُضُ بِحَالٍ.

وَيُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ مِنْ أَكْلِ لَحْمِ الْإِبِلِ، وَأَمَّا اللَّحْمُ الْخَبِيثُ الْمُبَاحُ لِلضَّرُورَةِ: كَلَحْمِ السِّبَاعِ فَيَنْبَنِي الْخِلَافُ فِيهِ عَلَى أَنَّ النَّقْضَ بِلَحْمِ الْإِبِلِ تَعَبُّدِيٌّ، فَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ، أَوْ مَعْقُولُ الْمَعْنَى فَيُعْطَى حُكْمَهُ، بَلْ هُوَ أَبْلَغُ مِنْهُ.

وَيُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ عَقِيبَ الذَّنْبِ، وَمِنْ مَسِّ الذَّكَرِ إذَا تَحَرَّكَتْ الشَّهْوَةُ بِمَسِّهِ، وَتَرَدَّدَ فِيمَا إذَا لَمْ تَتَحَرَّك، وَمَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَخِيرًا إلَى اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ دُونَ الْوُجُوبِ مِنْ مَسِّ النِّسَاءِ، وَالْأَمْرَدِ إذَا كَانَ لِشَهْوَةٍ. قَالَ: إذَا مَسَّ الْمَرْأَةَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَهَذَا مِمَّا عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يُوجِبْ مِنْهُ وُضُوءً وَلَا يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ مِنْهُ.

قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي قَدِيمِ خَطِّهِ: خَطَرَ لِي أَنَّ الرِّدَّةَ تَنْقُضُ الْوُضُوءَ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا دَوَامُ شَرْطِهَا اسْتِصْحَابًا فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالنِّيَّةُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>