للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَاءَ دُونَ الْقَرَارِ؛ وَفِي الصِّحَّةِ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ يُمْلَكُ وَتَنَازَعُوا إذَا بَاعَ الْأَرْضَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَاءَ هَلْ يَدْخُلُ أَمْ لَا؟

فَصْلٌ

وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُك لَوْ جِئْتَنِي بِكَذَا أَوْ إنْ رَضِيَ زَيْدٌ صَحَّ الْبَيْعُ، وَالشَّرْطُ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَتَصِحُّ الشُّرُوطُ الَّتِي لَمْ تُخَالِفْ الشَّرْعَ فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ، فَلَوْ بَاعَ جَارِيَةً وَشَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي إنْ بَاعَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا بِالثَّمَنِ صَحَّ الْبَيْعُ وَالشَّرْطُ، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَنْ أَحْمَدَ نَحْوُ الْعِشْرِينَ نَصًّا عَلَى صِحَّةِ الشُّرُوطِ. وَأَنَّهُ يَحْرُمُ الْوَطْءُ لِنَقْصِ الْمِلْكِ.

سَأَلَ أَبُو طَالِبٍ الْإِمَامَ أَحْمَدَ عَمَّنْ اشْتَرَى أَمَةً يَشْتَرِطُ أَنْ يَتَسَرَّى بِهَا لَا لِلْخِدْمَةِ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ، وَهَذَا مِنْ أَحْمَدَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا شَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ فِعْلًا أَوْ تَرْكًا فِي الْبَيْعِ مِمَّا هُوَ مَقْصُودٌ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْبَيْعِ نَفْسِهِ صَحَّ الْبَيْعُ وَالشَّرْطُ كَاشْتِرَاطِ الْعِتْقِ، وَكَمَا اشْتَرَطَ عُثْمَانُ لِصُهَيْبٍ وَقْفَ دَارِهِ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ هَذَا أَنْ يَبِيعَهُ بِشَرْطِ أَنْ يُعَلِّمَهُ أَوْ لَا يُخْرِجَهُ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ أَوْ لَا يَسْتَعْمِلَهُ فِي الْعَمَلِ الْفُلَانِيِّ، أَوْ أَنْ يُزَوِّجَهُ أَوْ يُسَاوِيَهُ فِي الْمَطْعَمِ، أَوْ لَا يَبِيعَهُ أَوْ لَا يَهَبَهُ.

فَإِذَا امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَفَاءِ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَيْهِ أَوْ يَنْفَسِخُ، عَلَى وَجْهَيْنِ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِنَا إذَا شَرَطَ فِي النِّكَاحِ أَنْ لَا يُسَافِرَ بِهَا أَوْ لَا يَتَزَوَّجَ إذْ لَا فَرْقَ فِي الْحَقِيقَةِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْمَمْلُوكِ، وَإِذَا شَرَطَ الْبَائِعُ نَفْعَ الْمَبِيعِ لِغَيْرِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، فَمُقْتَضَى كَلَامِ أَصْحَابِنَا جَوَازُهُ، فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا أَعْتَقَتْ سَفِينَةَ وَشَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَخْدُمُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا عَاشَ وَاسْتِثْنَاءُ خِدْمَةِ غَيْرِهِ فِي الْعِتْقِ كَاسْتِثْنَائِهَا فِي الْبَيْعِ، وَشَرْطُ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بَاطِلٌ، وَعَلَّلَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا بِأَنَّهُ خِيَارٌ يَثْبُتُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَا يَسْقُطُ قَبْلَهُ كَالشُّفْعَةِ، وَمُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ صِحَّةُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ.

وَقَالَ الْمُخَالِفُ فِي صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ إسْقَاطُ حَقٍّ وَصَحَّ فِي الْمَجْهُولِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ قِيلَ لَهُ وَالْجَوَابُ أَنَّا نَقُولُ بِوُجُوبِهِ، وَأَنَّهُ يَصِحُّ فِي الْمَجْهُولِ لَكِنْ بَعْدَ وُجُوبِهِ وَالصَّحِيحُ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، وَاَلَّذِي قَضَى بِهِ الصَّحَابَةُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِذَلِكَ الْعَيْبِ فَلَا رَدَّ لِلْمُشْتَرِي، لَكِنْ إذَا ادَّعَى أَنَّ الْبَائِعَ عَلِمَ بِذَلِكَ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ فَإِنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>