للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَعْدَ الْحَبْسِ كَحَبْسِهِ فِي دَيْنِ غَيْرِهَا فَلَهُ إلْزَامُهَا مُلَازَمَةَ بَيْتِهِ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا أَحَدٌ بِلَا إذْنِهِ وَلَوْ خَافَ خُرُوجَهَا مِنْ مَنْزِلِهِ بِلَا إذْنِهِ أَسْكَنَهَا حَيْثُ شَاءَ، وَلَا يَجِبُ حَبْسُهُ بِمَكَانٍ مُعَيَّنٍ فَيَجُوزُ حَبْسُهُ فِي دَارِ نَفْسِهِ، بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ مِنْ الْخُرُوجِ، وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ وَامْتَنَعَ وَرَأَى الْحَاكِمُ مَنْعَهُ مِنْ فُضُولِ الْأَكْلِ وَالنِّكَاحِ فَلَهُ ذَلِكَ، إذْ التَّعْزِيرُ لَا يَخْتَصُّ بِنَوْعٍ مُعَيَّنٍ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ فِيهِ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ فِي نَوْعِهِ وَقَدْرِهِ إذَا لَمْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ.

وَمَنْ ضَاقَ مَالُهُ عَنْ دُيُونِهِ صَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ بِالْحَجْرِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَمَنْ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ وَاجِبَةٌ فَلَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ بِمَا يُخِلُّ بِالنَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ، وَكَلَامُ أَحْمَدَ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَإِنْ نُوزِعَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِحَظْرٍ فِي الرُّشْدِ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ بِرُشْدِهِ قُبِلَ لِأَنَّهُ قَدْ يُعْلَمُ بِالِاسْتِفَاضَةِ، وَمَعَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ لَهُ عَلَى وَلِيِّهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ رُشْدَهُ، وَالْإِسْرَافُ مَا صَرَفَهُ فِي الْحَرَامِ أَوْ كَانَ صَرْفُهُ فِي مُبَاحٍ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى الْمَصْلَحَةِ، وَلَوْ وَصَّى مَنْ فِسْقُهُ ظَاهِرٌ أَوْ لَا وَجَبَ إنْفَاذُهُ كَحَاكِمٍ فَاسِقٍ حَكَمَ بِالْعَدْلِ.

وَالْوِلَايَةُ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ تَكُونُ لِسَائِرِ الْأَقَارِبِ، وَمَعَ الِاسْتِقَامَةِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْحَاكِمِ إلَّا إذَا امْتَنَعَ مِنْ طَاعَةِ الْوَلِيِّ، وَتَكُونُ الْوِلَايَةُ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْحَاكِمِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْصُوصُ أَحْمَدَ فِي الْأُمِّ.

وَأَمَّا تَخْصِيصُ الْوِلَايَةِ بِالْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْحَاكِمِ فَضَعِيفٌ جِدًّا، وَالْحَاكِمُ الْعَاجِزُ كَالْعَدَمِ، وَلَوْ مَاتَ مَنْ يَتَّجِرُ لِنَفْسِهِ وَلِيَتِيمِهِ بِمَالِهِ وَقَدْ اشْتَرَى شَيْئًا وَلَمْ يُعْرَفْ لِمَنْ هُوَ لَمْ يُقْسَمْ وَلَمْ يُوقَفْ الْأَمْرُ حَتَّى يَصْطَلِحَا كَمَا يَقُولُهُ الشَّافِعِيُّ، بَلْ مَذْهَبُ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَفْرُغُ فَمَنْ فَرَغَ خَلْفَ وَاحِدٍ وَلَوْ مَاتَ الْوَصِيُّ وَجَهِلَ بَقَاءَ مَالِ وَلِيِّهِ كَانَ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ، وَلِوَصِيِّ الْيَتِيمِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ أَوْ كِفَايَتِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوَلِّيَ عَلَى مَالِ الْيَتِيمِ إلَّا مَنْ كَانَ قَوِيًّا خَبِيرًا بِمَا وُلِّيَ عَلَيْهِ أَمِينًا عَلَيْهِ وَالْوَاجِبُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَلِيُّ بِهَذِهِ الصِّفَةِ أَنْ يُسْتَبْدَلَ بِهِ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّاةَ لَكِنْ إذَا عَمِلَ لِلْيَتَامَى اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ كَالْعَمَلِ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْ السَّيِّدِ دَعْوَى عَدَمِ الْإِذْنِ لِعَبْدِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِتَصَرُّفِهِ وَلَوْ قَدْرَ صَدَقَةٍ فَتَسْلِيطُهُ عَلَيْهِ عُدْوَانٌ، وَتَرَدَّدَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِيمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ لِلْوَلِيِّ خَلَاصُ حَقِّ مُوَلِّيهِ إلَّا بِرَفْعِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ إلَى وَالٍ يَظْلِمُهُ، وَيُسْتَحَبُّ التِّجَارَةُ بِمَالِ الْيَتِيمِ لِقَوْلِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ اتَّجِرُوا بِأَمْوَالِ الْيَتَامَى كَيْ لَا تَأْكُلَهَا الصَّدَقَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>