للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَبُّ الْمَالِ لِلْجَابِي وَالسِّمْسَارِ وَرَقَةً لِيُسَلِّمَهَا إلَى الصَّبِيِّ فِي الْمُتَسَلَّمِ مَالُهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يُسَلِّمَهُ حَتَّى يَقْتَصَّ مِنْهُ، فَخَالَفَ ضَمِنَ لِتَفْرِيطِهِ، وَيُصَدَّقُ الصَّبِيُّ مَعَ يَمِينِهِ وَالْوَرَقَةُ شَاهِدَةٌ لَهُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِذَلِكَ، وَتَصِحُّ شَرِكَةُ الشُّهُودِ، وَلِلشَّاهِدِ أَنْ يُقِيمَ مَقَامَهُ إنْ كَانَ الْجُعْلُ عَلَى عَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ.

وَإِنْ كَانَ عَلَى شَهَادَتِهِ بِعَيْنِهِ فَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ، وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُكْرِهَهُمْ لِأَنَّ لَهُ نَظَرًا فِي الْعَدَالَةِ وَغَيْرِهَا، وَإِنْ اشْتَرَكُوا عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا حَصَّلَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَيْنَهُمْ بِحَيْثُ إذَا كَتَبَ أَحَدُهُمْ وَشَهِدَ شَارَكَهُ الْآخَرُ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ فَهِيَ شَرِكَةُ الْأَبَدَانِ تَجُوزُ بِحَيْثُ تَجُوزُ بِهِ الْوَكَالَةُ وَأَمَّا حَيْثُ لَا تَجُوزُ فَفِيهِ وَجْهَانِ، كَشَرِكَةِ الدَّلَّالِينَ.

وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى جَوَازِهَا فَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَقَدْ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَأْخُذُ الثَّوْبَ لِيَبِيعَهُ فَيَدْفَعَهُ إلَى الْآخَرِ يَبِيعُهُ وَيُنَاصِفُهُ فِيمَا يَأْخُذُ مِنْ الْكِرَاءِ، لِلَّذِي بَاعَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَشْتَرِكَانِ فِيمَا أَصَابَا، وَوَجْهُ صِحَّتِهَا أَنَّ بَيْعَ الدَّلَّالِ وَشِرَاءَهُ بِمَنْزِلَةِ خِيَاطَةِ الْخَيَّاطِ وَتِجَارَةِ التُّجَّارِ وَسَائِرِ الْأُجَرَاءِ الْمُشْتَرِكِينَ. وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يَسْتَنِيبَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ وَمَأْخَذُ مَنْ مَنَعَ أَنَّ الدَّلَالَةَ مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ، وَسَائِرُ الصِّنَاعَاتِ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي شَرِكَةِ الدَّلَّالِينَ الَّتِي فِيهَا عَقْدٌ.

فَأَمَّا مُجَرَّدُ النِّدَاءِ وَالْعَرْضِ وَإِحْضَارِ الدُّيُونِ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ، وَتَسْلِيمِ الْأَمْوَالِ إلَى الدَّلَّالِينَ مَعَ الْعِلْمِ بِاشْتِرَاكِهِمْ إذْنٌ لِهُمْ وَلَوْ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا أَخَذَهُ وَلَمْ يُعْطِ غَيْرَهُ وَاشْتَرَكَا فِي الْكَسْبِ جَازَ فِي أَظْهَرْ الْوَجْهَيْنِ، وَمُوجِبُ الْعَقْدِ الْمُطْلَقِ التَّسَاوِي فِي الْعَمَلِ، وَأَمَّا بِإِعْطَائِهِ زِيَادَةً فِي الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ عَمَلٍ. وَإِنْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَشْتَرِطُوا لَهُ زِيَادَةً جَازَ، وَلَيْسَ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ الْمَنْعُ بِمُقْتَضَى مَذْهَبِهِ فِي شَرِكَةِ الْأَبَدَانِ وَالْوُجُوهِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُشْرَعُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ وَالرِّبْحُ الْحَاصِلُ مِنْ مَالٍ لَمْ يَأْذَنْ مَالِكُهُ فِي التِّجَارَةِ فِيهِ، فَقِيلَ هُوَ لِلْمَالِكِ فَقَطْ كَنَمَاءِ الْأَعْنَابِ، وَقِيلَ لِلْعَامِلِ فَقَطْ لِأَنَّ عَلَيْهِ الضَّمَانَ، وَقِيلَ يَتَصَدَّقَانِ بِهِ لِأَنَّهُ رِبْحٌ خَبِيثٌ.

وَقِيلَ يَكُونُ عَلَى قَدْرِ النَّفْعَيْنِ بِحَسَبِ مَعْرِفَةِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَهُوَ أَصَحُّهَا، وَبِهِ حَكَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَّا أَنْ يَتَّجِرَ بِهِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْعُدْوَانِ. مِثْلُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ مَالُ نَفْسِهِ فَتَبَيَّنَ مَالَ غَيْرِهِ، فَهُنَا يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ بِلَا رَيْبٍ.

وَذَكَرَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَنَّهُ إنْ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ مَالُ الْغَيْرِ فَهُنَا يُتَوَجَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>