للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْأَوَّلِ؟ وَعَقْدُ النِّيَّةِ فِي الطَّلَاقِ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهَا إنْ أَسْقَطَتْ شَيْئًا مِنْ الطَّلَاقِ لَمْ تُقْبَلْ مِثْلُ قَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا وَقَالَ نَوَيْت إلَّا وَاحِدَةً فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَإِنْ لَمْ تَسْقُطْ مِنْ الطَّلَاقِ وَإِنَّمَا عَدَلَ بِهِ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ مِثْلُ أَنْ يَنْوِيَ مِنْ وَثَاقٍ وَعِقَالٍ وَدُخُولِ الدَّارِ إلَى سَنَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا عَلَى رِوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ، أَنْت طَالِقٌ. وَقَالَ: نَوَيْت بِالثَّانِيَةِ التَّأْكِيدَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَأَنْتِ طَالِقٌ، وَمُطَلَّقَةٌ، وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ مِنْ الصِّيَغِ هِيَ إنْشَاءٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا هِيَ إثْبَاتٌ لِلْحُكْمِ وَشَهَادَتُهُمْ وَهِيَ إخْبَارٌ لِدَلَالَتِهَا عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي فِي النَّفْسِ وَمَنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِطَلَاقِ ثَلَاثٍ ثُمَّ أَفْتَى بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِإِقْرَارِهِ لِمَعْرِفَةِ أَنَّ مُسْتَنَدَهُ فِي إقْرَارِهِ ذَلِكَ مِمَّا يَجْهَلُهُ وَإِذَا صَرَفَ الزَّوْجُ لَفْظَهُ إلَى مُمْكِنٍ يَتَخَرَّجُ أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ إذَا كَانَ عَدْلًا كَمَا قَالَهُ أَحْمَدُ فِيمَنْ أَخْبَرَتْ أَنَّهَا نَكَحَتْ مَنْ أَصَابَهَا وَفِي الْمُخْبِرِ بِالثَّمَنِ إذَا ادَّعَى الْغَلَطَ عَلَى رِوَايَةٍ.

وَلَوْ قِيلَ بِمِثْلِ هَذَا فِي الْمُخْبِرَةِ بِحَيْضِهَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِهِ يُتَوَجَّهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُخْبِرَ إذَا خَالَفَ خَبَرُهُ الْأَصْلَ اُعْتُبِرَ فِيهِ الْعَدَالَةُ.

وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالْكِنَايَةِ إلَّا بِنِيَّةٍ إلَّا مَعَ قَرِينَةِ إرَادَةِ الطَّلَاقِ فَإِذَا قَرَنَ الْكِنَايَاتِ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى أَحْكَامِ الطَّلَاقِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: فَسَخْت النِّكَاحَ وَقَطَعْت الزَّوْجِيَّةَ وَرَفَعْت الْعَلَاقَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ زَوْجَتِي وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى فِي ضِمْنِ مَسْأَلَةِ الْقِيَاسِ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالْكِنَايَةِ حَتَّى يَنْوِيَهُ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: هَذَا عِنْدِي ضَعِيفٌ عَلَى الْمَذَاهِبِ كُلِّهَا فَإِنَّهُمْ مَهَّدُوا فِي كِتَابِ الْوَقْفِ أَنَّهُ إذَا قَرَنَ بِالْكِنَايَةِ بَعْضَ أَحْكَامِهِ صَارَتْ كَالصَّرِيحِ وَيَجِبُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ قَوْلِ الزَّوْجِ لَسْت لِي بِامْرَأَةٍ وَمَا أَنْت لِي بِامْرَأَةٍ وَبَيْنَ قَوْلِهِ لَيْسَ لِي امْرَأَةٌ وَبَيْنَ قَوْلِهِ إذَا قِيلَ لَهُ لَك امْرَأَةٌ فَقَالَ لَا فَإِنَّ الْفَرْقَ ثَابِتٌ بَيْنَهُمَا وَصْفًا وَعَدَدًا إذْ الْأَوَّلُ نَفْيٌ لِنِكَاحِهَا وَنَفْيُ النِّكَاحِ عَنْهَا كَإِثْبَاتِ طَلَاقِهَا وَيَكُونُ إنْشَاءً وَيَكُونُ إخْبَارًا بِخِلَافِ نَفْيِ الْمَنْكُوحَاتِ عُمُومًا فَإِنَّهُ لَا يَسْتَعْمِل إلَّا إخْبَارًا وَفِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَوْ بَاعَ زَوْجَتَهُ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَعِنْدِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ إذَا قَصَدَ الْخُلْعَ لَا بَيْعَ الرَّقَبَةِ. قَالَ الْقَاضِي: إنْ قَالَ لَهَا: اخْتَارِي نَفْسَكِ، فَذَكَرَتْ أَنَّهَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا، فَأَنْكَرَ الزَّوْجُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ مِمَّا يُمْكِنُهَا إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي اخْتِيَارِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>