للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ لَهُ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ قُلْ إنْ شَاءَ اللَّهُ نَفَعَهُ وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ وَعَلَيْهِ مُتَقَدِّمُو أَصْحَابِهِ وَاخْتِيَارُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَهُوَ الصَّوَابُ وَلَا يُعْتَبَرُ قَصْدُ الِاسْتِثْنَاءِ فَلَوْ سَبَقَ عَلَى لِسَانِهِ عَادَةً أَوْ أَتَى بِهِ تَبَرُّكًا رَفَعَ حُكْمَ الْيَمِينِ وَكَذَا قَوْلُهُ إنْ أَرَادَ اللَّهُ وَقَصَدَ بِالْإِرَادَةِ مَشِيئَتَهُ لَا مَحَبَّتَهُ وَأَمْرَهُ وَمَنْ شَكَّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَكَانَ مِنْ عَادَتِهِ الِاسْتِثْنَاءُ فَهُوَ كَمَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ اسْتَثْنَى كَالْمُسْتَحَاضَةِ تَعْمَلُ بِالْعَادَةِ وَالتَّمْيِيزِ وَلَمْ تَجْلِسْ أَقَلَّ الْحَيْضِ وَالْأَصْلُ وُجُوبُ الْعِبَادَةِ فِي ذِمَّتِهَا.

قَالَ فِي " الْمُحَرَّرِ ": إذَا قَالَ إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْتَ طَالِقٌ أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ لَمْ يَحْنَثْ فِي يَمِينِهِ إلَّا بِتَطْلِيقٍ يُنَجِّزُهُ أَوْ يُعَلِّقُهُ بَعْدَهُمَا بِشَرْطٍ فَيُؤَاخَذُ.

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: يُتَوَجَّهُ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ قَبْلَ عَقْدِ هَذِهِ الصِّفَةِ أَوْ مَعَهَا مُعَلَّقًا بِفِعْلِهِ، فَعَلَهُ بِاخْتِيَارِهِ أَنْ يَكُونَ فَعَلَهُ لَهُ تَطْلِيقًا وَأَنَّ التَّطْلِيقَ يَفْتَقِرُ إلَى أَنْ تَكُونَ الصِّفَةُ مِنْ فِعْلِهِ أَيْضًا فَإِذَا عَلَّقَهُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْفِعْلِ لَمْ يَكُنْ تَطْلِيقًا وَإِلَّا حَلَفَ لَا يُطَلِّقُ فَجَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا أَوْ خَيَّرَهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَالْمُتَوَجَّهُ أَنْ تَخْرُجَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي تَنْصِيفِ الصَّدَاقِ إنْ قُلْنَا يَتَنَصَّفُ جَعَلْنَاهُ تَطْلِيقًا وَإِنْ قُلْنَا يَسْقُطُ لَمْ نَجْعَلْهُ تَطْلِيقًا وَإِنَّمَا هُوَ تَمْكِينٌ مِنْ التَّطْلِيقِ وَإِذَا قَالَ إذَا طَلَّقْتُك أَوْ إذَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتَ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا فَتَعْلِيقُهُ بَاطِلٌ وَلَا يَقَعُ سِوَى الْمُنَجَّزَةِ وَقَالَ ابْنُ شُرَيْحٍ يَنْحَسِمُ بَابُ الطَّلَاقِ وَمَا قَالَهُ مُحْدَثٌ فِي الْإِسْلَامِ لَمْ يُفْتِ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا التَّابِعِينَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ.

وَأَنْكَرَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَنْ أَفْتَى بِهَا وَمَنْ قَلَّدَ فِيهَا شَخْصًا وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ بَعْدَ ذَلِكَ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِهَا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ كَمَنْ أَوْقَعَهُ فِيمَنْ يَعْتَقِدُهَا أَجْنَبِيَّةً وَكَانَتْ فِي الْبَاطِنِ امْرَأَتَهُ فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ عَلَى الصَّحِيحِ وَإِنْ حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ لَيُكَلِّمَنَّ فُلَانًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَبَرَّ إلَّا بِالْكَلَامِ الطَّيِّبِ كَالْكَلَامِ وَنَحْوِهِ دُونَ السَّبِّ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ الْيَمِينَ فِي جَانِبِ النَّفْيِ أَعَمُّ مِنْ اللَّفْظِ اللُّغَوِيِّ وَفِي جَانِبِ الْإِثْبَاتِ أَخَصُّ كَمَا قُلْنَا فِيمَنْ حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَنَّ وَنَظَائِرُهُ فَإِنَّهُ لَا يَبَرُّ إلَّا بِكَمَالِ الْمُسَمَّى وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى كَلَامِ زَيْدٍ فَهَلْ كِتَابَتُهُ أَوْ رِسَالَتُهُ الْحَاضِرَةُ كَالْإِشَارَةِ فَيَجِيءُ فِيهَا الْوَجْهَانِ أَوْ يَحْنَثُ بِكُلِّ حَالٍ. تَرَدَّدَ فِيهِ أَبُو الْعَبَّاسِ، قَالَ: وَأَصْلُ ذَلِكَ الْوَجْهَانِ انْعِقَادُ النِّكَاحِ بِكِتَابَةِ الْقَادِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>