للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَكُنْت أَقُولُ إنَّ هَذَا شَبَهُ اللُّقَطَةِ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ عَقِيلٍ قَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ وَمِثْلَ ذَلِكَ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمَجْهُولَ فِي الشَّرْعِ كَالْمَعْدُومِ وَإِذَا عُلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ التَّصَرُّفُ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ مَوْقُوفًا عَلَى إذْنِهِ وَوَقْفُ التَّصَرُّفِ فِي حَقِّ الْغَيْرِ عَلَى إذْنِهِ يَجُوزُ عِنْدَ الْحَاجَةِ عِنْدَنَا بِلَا نِزَاعٍ وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ كَمَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي اللُّقَطَةِ بِعَدَمِ الْعِلْمِ لِصَاحِبِهَا فَإِذَا جَاءَ الْمَالِكُ كَانَ تَصَرُّفُ الْمُلْتَقِطِ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَتِهِ وَكَانَ تَرَبُّصُ أَرْبَعِ سِنِينَ كَالْحَوْلِ فِي اللُّقَطَةِ وَبِالْجُمْلَةِ كُلُّ صُورَةٍ فُرِّقَ فِيهَا بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ بِسَبَبٍ يُوجِبُ الْفُرْقَةَ ثُمَّ تَبَيَّنَ انْتِفَاءُ ذَلِكَ السَّبَبِ فَهُوَ شَبِيهُ الْمَفْقُودِ، وَالتَّخْيِيرُ فِيهِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالْمَهْرِ هُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ.

وَلَوْ ظَنَّتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَتْ فَهُوَ كَمَا لَوْ ظَنَّتْ مَوْتَهُ وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهَا كَتَمَتْ الزَّوْجَ فَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْأَوَّلُ حَتَّى دَخَلَ بِهَا الثَّانِي فَهُنَا الزَّوْجَانِ مَشْهُورَانِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ لَكِنْ إذَا اعْتَقَدَتْ جَوَازَ ذَلِكَ بِأَنْ تَعْتَقِدَ أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ حَقِّهَا أَوْ مُفَرِّطٌ فِيهِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا الْفَسْخُ وَالتَّزْوِيجُ بِغَيْرِهِ فَتُشْبِهُ امْرَأَةَ الْمَفْقُودِ، وَأَمَّا إذَا عَلِمَتْ التَّحْرِيمَ فَهِيَ زَانِيَةٌ لَكِنَّ الْمُتَزَوِّجَ بِهَا كَالْمُتَزَوِّجِ بِامْرَأَةِ الْمَفْقُودِ وَكَأَنَّهَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَأَجَازَهُ وَإِذَا طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ امْرَأَتَيْهِ مُبْهَمَةً وَمَاتَ قَبْلَ الْإِقْرَاعِ فَأَحَدُهُمَا وَجَبَتْ عَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَالْأُخْرَى عِدَّةُ الطَّلَاقِ فَالْأَظْهَرُ هُنَا وُجُوبُ الْعِدَّتَيْنِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَالْوَاجِبُ أَنَّ الشُّبْهَةَ إنْ كَانَتْ شُبْهَةَ نِكَاحٍ فَتَعْتَدُّ الْمَوْطُوءَةُ عِدَّةَ الْمُزَوَّجَةِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً وَإِنْ كَانَتْ شُبْهَةَ مِلْكٍ فَعِدَّةُ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَاةِ، وَأَمَّا الزِّنَا فَالْعِبْرَةُ بِالْمَحَلِّ.

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ - فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةٍ تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ وَهُوَ وَجْهٌ فِي الْمَذْهَبِ وَتَعْتَدُّ الْمَزْنِيُّ بِهَا بِحَيْضَةٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَالْمُخْتَلِعَةُ يَكْفِيهَا الِاعْتِدَادُ بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَمَذْهَبُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَغَيْرِهِ وَالْمَفْسُوخُ نِكَاحُهَا كَذَلِكَ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَالْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ عِدَّتُهَا حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ.

قُلْت: عَلَّقَ أَبُو الْعَبَّاسِ مِنْ " الْفَوَائِدِ " بِذَلِكَ عَنْ ابْنِ اللَّبَّانِ وَمَنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا وَلَا تَدْرِي مَا رَفَعَهُ إنْ عَلِمَتْ عَدَمَ عَوْدِهِ فَتَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ وَإِلَّا اعْتَدَّتْ بِسَنَةٍ وَالْمُطَلَّقَةُ الْبَائِنُ وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهَا إنْ شَاءَ أَسْكَنَهَا فِي مَسْكَنِهِ وَغَيْرِهِ إنْ صَلُحَ لَهَا وَلَا مَحْذُورَ تَحْصِينًا لِمَائِهِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا فَلَهُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْحَامِلُ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَوْ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا يَجِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>