للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الْعُلَمَاءُ: وَلَوْ فِي مِلْكٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ وَاجِبٌ.

وَالْكَنَائِسُ الْعَتِيقَةُ إذَا كَانَتْ بِأَرْضِ الْعَنْوَةِ فَلَا يَسْتَحِقُّونَ إبْقَاءَهَا وَيَجُوزُ هَدْمُهَا مَعَ عَدَمِ الضَّرَرِ عَلَيْنَا، وَإِذَا صَارَتْ الْكَنِيسَةُ فِي مَكَان قَدْ صَارَ فِيهِ مَسْجِدٌ لِلْمُسْلِمِينَ يُصَلَّى فِيهِ وَهُوَ أَرْضُ عَنْوَةٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ هَدْمُ الْكَنِيسَةِ الَّتِي بِهِ، لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَجْتَمِعُ قِبْلَتَانِ بِأَرْضٍ» وَفِي أَثَرٍ آخَرَ: «لَا يَجْتَمِعُ بَيْتُ رَحْمَةٍ وَبَيْتُ عَذَابٍ» .

وَلِهَذَا أَقَرَّهُمْ الْمُسْلِمُونَ فِي أَوَّلِ الْفَتْحِ عَلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ كَنَائِسِ الْعَنْوَةِ بِأَرْضِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَمَّا كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ وَبُنِيَتْ الْمَسَاجِدُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ أَخَذَ الْمُسْلِمُونَ تِلْكَ الْكَنَائِسَ فَأَقْطَعُوهَا وَبَنَوْهَا مَسَاجِدَ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَتَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي كَنَائِسِ الصُّلْحِ إذَا اسْتُهْدِمَتْ هَلْ لَهُمْ إعَادَتُهَا عَلَى قَوْلَيْنِ، وَلَوْ انْقَرَضَ أَهْلُ مِصْرَ وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِمَّنْ دَخَلَ فِي الْعَقْدِ الْمُبْتَدَإِ فَإِنْ انْتَقَضَ فَكَالْمَفْتُوحِ عَنْوَةً وَيُمْنَعُونَ مِنْ أَلْقَابِ الْمُسْلِمِينَ كَعِزِّ الدِّينِ وَنَحْوِهِ وَمِنْ حَمْلِ السِّلَاحِ وَالْعَمَلِ بِهِ وَتَعَلُّمِ الْمُقَاتِلَةِ الدِّفَاف وَالرَّمْيَ وَغَيْرَهُ وَرُكُوبَ الْخَيْل وَيَسْتَطِبُّ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا بُقْعَةً عِنْدَهُ كَمَا يُودِعُهُ وَيُعَامِلُهُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْدِلَ عَنْهُ وَيُكْرَهُ الدُّعَاءُ بِالْبَقَاءِ لِكُلِّ أَحَدٍ لِأَنَّهُ شَيْءٌ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي أَصْرَمَ وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ جَمَعَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ فِي مُسْتَقَرِّ رَحْمَتِهِ فَقَالَ لَا تَقُلْ هَذَا.

وَكَانَ أَبُو الْعَبَّاسِ: يَمِيلُ إلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الدُّعَاءُ بِذَلِكَ وَيَقُولُ: إنَّ الرَّحْمَةَ هَهُنَا الْمُرَادُ بِهَا الرَّحْمَةُ الْمَخْلُوقَةُ وَمُسْتَقَرُّهَا الْجَنَّةُ وَقَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ.

وَاخْتَلَفَ كَلَامُ أَبِي الْعَبَّاسِ فِي رَدِّ تَحِيَّةِ الذِّمِّيِّ هَلْ تُرَدُّ مِثْلُهَا أَوْ وَعَلَيْكُمْ فَقَطْ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ أَهْلًا وَسَهْلًا وَيَجُوزُ عِيَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَتَهْنِئَتُهُمْ وَتَعْزِيَتُهُمْ وَدُخُولُهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>