للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِلْمِهِ، وَلَا عِلْمِهَا فَأَخْرَجَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ فَتَزَوَّجَهَا لِيُحَلِّلَهَا لَهُ. فَقَالَ: لَا، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ، فَقَالَ: «لَا حَتَّى يَنْكِحَهَا مُرْتَغِبًا لِنَفْسِهِ حَتَّى يَتَزَوَّجَهَا مُرْتَغِبًا لِنَفْسِهِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَذُوقَ الْعُسَيْلَةَ» .

وَهَذَا الْمُرْسَلُ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي أَرْسَلَهُ احْتَجَّ بِهِ، وَلَوْلَا ثُبُوتُهُ عِنْدَهُ لَمَا جَازَ أَنْ يَحْتَجَّ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسْنِدَهُ.

وَإِذَا كَانَ التَّابِعِيُّ قَدْ قَالَ إنَّ هَذَا الْحَدِيثَ ثَبَتَ عِنْدِي كَفَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مَا يَكُونُ قَدْ سَمِعَهُ مِنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ، عَنْ صَحَابِيٍّ أَوْ عَنْ تَابِعِيٍّ آخَرَ عَنْ صَحَابِيٍّ، وَفِي مِثْلِ ذَلِكَ يَسْهُلُ الْعِلْمُ بِثِقَةِ الرَّاوِي. وَمُوسَى بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ، هَذَا ثِقَةٌ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيّ فِي كِتَابِهِ، وَرَوَى عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ هُوَ ثِقَةٌ.

وَذَكَرَ عَنْ أَبِيهِ أَبِي حَاتِمٍ أَنَّهُ قَالَ هُوَ ثِقَةٌ. وَنَاهِيَك بِمَنْ يُوَثِّقُهُ هَذَانِ مَعَ صُعُوبَةِ تَزْكِيَتِهِمَا، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَخْرَجَهُ وَأَمَّا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الَّذِي رَوَى عَنْهُ وَيُعْرَفُ بِالرَّاوِي مِنْ مَشَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ الثِّقَاتِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ فَهَذَا الْمُرْسَلُ حُجَّةٌ جَيِّدَةٌ فِي الْمَسْأَلَةِ. ثُمَّ الْحَدِيثَانِ إذَا كَانَ فِيهِمَا ضَعْفٌ قَلِيلٌ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ ضَعْفُهُمَا إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ سُوءِ الْحِفْظِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، إذَا كَانَا مِنْ طَرِيقَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ عَضَّدَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْحَدِيثِ أَصْلًا مَحْفُوظًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. يُؤَيِّدُ ذَلِكَ هُنَا: أَنَّ عُمَرَ أَكْثَرُ عِلْمِهِ مِنْ جِهَةِ أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَذَلِكَ الْمُسْنَدُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَيُوشِكُ أَنْ يَكُونَ لِلْحَدِيثِ أَصْلٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنْ يَكُونَ ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ حَفِظَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ كَمَا رَوَاهُ عُمَرُ مُرْسَلًا، لَا سِيَّمَا وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفُتْيَاهُ تُوَافِقُ هَذَا

، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ امْرَأَةٌ تَزَوَّجْتهَا أُحِلُّهَا لِزَوْجِهَا لَمْ يَأْمُرْنِي وَلَمْ يَعْلَمْ. قَالَ: لَا إلَّا نِكَاحَ رَغْبَةٍ إنْ أَعْجَبَتْكَ أَمْسَكْتَهَا وَإِنْ كَرِهْتَهَا فَارَقْتَهَا، قَالَ وَإِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ هَذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ سِفَاحًا، لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ، ذَكَرَهُ أَبُو إِسْحَاقَ التَّغْلِبِيُّ وَالْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَاللَّفْظُ فِيهِ اخْتِلَافٌ، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا نَصٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ لَكِنْ لَمْ أَقِفْ عَلَى إسْنَادِهِ ثُمَّ وَقَفْت عَلَى إسْنَادِهِ، رَوَاهُ وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ أَبِي غَسَّانَ الْمَدَنِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَمَّنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَهَا هَذَا السَّائِلُ عَنْ غَيْرِهِ مُؤَامَرَةً مِنْهُ أَتَحِلُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>