للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْوَجْهُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ إنَّ قَوْلَك عَلَى خِلَافِ كَلَامِ الْمُحَدِّثِينَ إنْ عَنَيْت بِهِ أَنَّ حَقِيقَةَ كَلَامِ اللَّهِ لَيْسَتْ كَحَقِيقَةِ كَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ]

َ كَمَا أَنَّهُ هُوَ كَذَلِكَ وَسَائِرُ صِفَاتِهِ كَذَلِكَ فَهَذَا حَقٌّ لَكِنْ لَا يُفِيدُك فَإِنَّ كَوْنَهُ كَذَلِكَ لَا يُوجِبُ أَنْ يُثْبِتَ مَا يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ انْتِفَاؤُهُ فَإِنَّ مَا يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ انْتِفَاؤُهُ لَا يُثْبِت شَاهِدًا وَلَا غَائِبًا وَكَوْنُ الْوَاحِدِ الَّذِي لَا تَغَايُرَ فِيهِ وَلَا اخْتِلَافَ هُوَ حَقَائِقُ مُخْتَلِفَةٌ مَعْلُومُ الْفَسَادِ بِالْعَقْلِ فَلَا يَثْبُتُ لِلَّهِ وَلَا لِغَيْرِهِ وَإِنْ عَنَيْت بِقَوْلِك عَلَى خِلَافِ كَلَامِ الْمُحَدِّثِينَ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ كَوْنَهُ مَعْنًى قَائِمًا بِالنَّفْسِ أَوْ كَوْنَهُ لَيْسَ بِحَرْفٍ وَلَا صَوْتٍ هُوَ مُخَالِفٌ فِي ذَلِكَ لِكَلَامِ الْمُحَدِّثِينَ فَلَيْسَ الْأَمْرُ عِنْدَك كَذَلِكَ فَإِنَّ الْقَدِيمَ وَالْمُحْدَثَ يَشْتَرِكَانِ فِي هَذَا الْوَصْفِ عِنْدَك وَإِنْ عَنَيْت أَنَّهُ وَاحِدٌ وَكَلَامُ الْمَخْلُوقِينَ لَيْسَ بِوَاحِدٍ فَيُقَالُ هَذَا هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْمُحَدِّثِينَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ يُقَرَّرُ ذَلِكَ.

[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ الْكَلَامَ وَالْعِلْمَ وَالْقُدْرَةَ وَسَائِرَ الصِّفَاتِ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصِّفَاتِ الْمَخْلُوقَةِ]

الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ وَهُوَ أَنَّ الْكَلَامَ وَالْعِلْمَ وَالْقُدْرَةَ وَسَائِرَ الصِّفَاتِ يَجْمَعُ هَؤُلَاءِ وَغَيْرُهُمْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصِّفَاتِ الْمَخْلُوقَةِ مِنْ وَجْهٍ وَيُفَرِّقُونَ بَيْنَهَا مِنْ وَجْهٍ كَمَا يَجْمَعُ بَيْنَ الْوُجُودِ الْقَدِيمِ الْوَاجِبِ الْقَائِمِ بِنَفْسِهِ الْخَالِقِ وَبَيْنَ الْوُجُودِ الْمُمْكِنِ الْمَخْلُوقِ مِنْ وَجْهٍ وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهٍ وَلِهَذَا يَجْمَعُونَ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْغَائِبِ بِالْحَدِّ وَالدَّلِيلِ وَالْعِلَّةِ وَالشَّرْطِ فَيَقُولُونَ حَدُّ الْعَالِمِ مَنْ قَامَ بِهِ الْعِلْمُ وَالْحَقَائِقُ لَا تَخْتَلِفُ شَاهِدًا وَلَا غَائِبًا وَالْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ مَشْرُوطَانِ بِالْحَيَاةِ فِي الشَّاهِدِ وَالْغَائِبِ وَالْأَحْكَامُ دَلِيلٌ عَلَى الْعِلْمِ فِي الشَّاهِدِ وَالْغَائِبِ وَيَقُولُ مَنْ يَثْبُتُ الْأَحْوَالَ مِنْهُمْ الْعِلْمُ مُوجِبٌ لِكَوْنِ الْعَالِمِ عَالِمًا وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ فِي الشَّاهِدِ وَالْغَائِبِ وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَمُخَالَفَةُ كَلَامِهِ لِكَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ مِنْ وَجْهٍ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّ تِلْكَ الْمُخَالَفَةَ مُوجِبَةٌ لِوَحْدَتِهِ وَأَنْتَ لَمْ تَذْكُرْ ذَلِكَ وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ أَكْثَرَ مِمَّا ذَكَرْت إنَّك قِسْته عَلَى الْمُتَكَلِّمِ فَقُلْت يَجِبُ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ وَاحِدٌ وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَى ذَلِكَ.

[الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ إنَّك اعْتَمَدَتْ فِي كَوْنِ الْكَلَامِ مَعْنًى وَاحِدًا قَدِيمًا]

عَلَى قِيَاسِهِ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ فَلَمَّا قِيلَ لَك كَيْفَ يُعْقَلُ كَلَامٌ وَاحِدٌ يَجْمَعُ أَوْصَافًا مُخْتَلِفَةً حَتَّى يَكُونَ أَمْرًا وَنَهْيًا، خَبَرًا وَاسْتِخْبَارًا، وَعْدًا وَوَعِيدًا قُلْت يُعْقَلُ ذَلِكَ بِالدَّلِيلِ الْمُوجِبِ لِقِدَمِهِ الْمَانِعِ مِنْ كَوْنِهِ مُتَغَايِرًا مُخْتَلِفًا عَلَى خِلَافِ كَلَامِ الْمُحَدِّثِينَ كَمَا يُعْقَلُ مُتَكَلِّمٌ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَيْسَ بِذِي أَبْعَاضٍ وَلَا أَجْزَاءٍ وَلَا آلَاتٍ وَإِنْ كَانَ لَا يُعْقَلُ مُتَكَلِّمٌ هُوَ شَيْءٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>