للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ أَرْبَعٍ، عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ. فَلَوْ صَلَّى الْمُسَافِرُ أَرْبَعًا فَهَلْ تُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ. «وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي جَمِيعِ أَسْفَارِهِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَلَمْ يُصَلِّ فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا قَطُّ» ، وَلَا أَبُو بَكْرٍ، وَلَا عُمَرُ

[مَسْأَلَةٌ الْعَمَل الَّذِي لِلَّهِ بِالنَّهَارِ لَا يَقْبَلُهُ بِاللَّيْلِ]

٩٢ - ٨ مَسْأَلَةٌ:

فِي الْعَمَلِ الَّذِي لِلَّهِ بِالنَّهَارِ لَا يَقْبَلُهُ بِاللَّيْلِ، وَالْعَمَلُ الَّذِي بِاللَّيْلِ لَا يَقْبَلُهُ بِالنَّهَارِ؟

الْجَوَابُ: وَأَمَّا عَمَلُ النَّهَارِ الَّذِي لَا يَقْبَلُهُ اللَّهُ بِاللَّيْلِ، وَعَمَلُ اللَّيْلِ الَّذِي لَا يَقْبَلُهُ اللَّهُ بِالنَّهَارِ: فَهُمَا صَلَاةُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، لَا يَحِلُّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُؤَخِّرَهُمَا إلَى اللَّيْلِ؛ بَلْ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ» . وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ» .

فَأَمَّا مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ وَقْتُهَا» .

وَأَمَّا مَنْ فَوَّتَهَا مُتَعَمِّدًا فَقَدْ أَتَى كَبِيرَةً مِنْ أَعْظَمِ الْكَبَائِرِ، وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ لَا يَصِحُّ فِعْلُهَا قَضَاءً أَصْلًا، وَمَعَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ لَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ مِنْ جَمِيعِ الْوَاجِبِ، وَلَا يَقْبَلُهَا اللَّهُ مِنْهُ بِحَيْثُ يَرْتَفِعُ عَنْهُ الْعِقَابُ، وَيَسْتَوْجِبُ الثَّوَابَ؛ بَلْ يُخَفَّفُ عَنْهُ الْعَذَابُ بِمَا فَعَلَهُ مِنْ الْقَضَاءِ، وَيَبْقَى عَلَيْهِ إثْمُ التَّفْوِيتِ، وَهُوَ مِنْ الذُّنُوبِ الَّتِي تَحْتَاجُ إلَى مُسْقِطٍ آخَرَ، بِمَنْزِلَةِ مَنْ عَلَيْهِ حَقَّانِ: فَعَلَ أَحَدَهُمَا، وَتَرَكَ الْآخَرَ. قَالَ تَعَالَى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} [الماعون: ٤] {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: ٥] .

وَتَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا مِنْ السَّهْوِ عَنْهَا بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>