للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا ذَهَبَ إلَى الْحَمَّامِ لَمْ يُمْكِنْهُ الْخُرُوجُ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ، فَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ بِالتَّيَمُّمِ خَيْرٌ مِنْ الصَّلَاةِ فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي نَهَى عَنْهَا، وَعَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ.

[مَسْأَلَةٌ الصَّلَاةُ فِي الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ]

١٢٥ - ٤١ مَسْأَلَةٌ:

هَلْ الصَّلَاةُ فِي الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ جَائِزَةٌ مَعَ وُجُودِ الصُّوَرِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يُقَالُ: إنَّهَا بُيُوتُ اللَّهِ أَمْ لَا؟

الْجَوَابُ: لَيْسَتْ بُيُوتَ اللَّهِ، وَإِنَّمَا بُيُوتُ اللَّهِ الْمَسَاجِدُ، بَلْ هِيَ بُيُوتٌ يُكْفَرُ فِيهَا بِاَللَّهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يُذْكَرُ فِيهَا، فَالْبُيُوتُ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِهَا، وَأَهْلُهَا كُفَّارٌ، فَهِيَ بُيُوتُ عِبَادَةِ الْكُفَّارِ.

وَأَمَّا الصَّلَاةُ فِيهَا فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلْعُلَمَاءِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ: الْمَنْعُ مُطْلَقًا؛ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. وَالْإِذْنُ مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ أَحْمَدَ. وَالثَّالِثُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَأْثُورُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مَنْصُوصٌ عَنْ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، أَنَّهُ إنْ كَانَ فِيهَا صُوَرٌ لَمْ يُصَلَّ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَدْخُلْ الْكَعْبَةَ حَتَّى مُحِيَ مَا فِيهَا مِنْ الصُّوَرِ، وَكَذَلِكَ قَالَ عُمَرُ: إنَّا كُنَّا لَا نَدْخُلُ كَنَائِسَهُمْ وَالصُّوَرُ فِيهَا.

وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمَسْجِدِ الْمُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ «ذُكِرَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَنِيسَةٌ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَمَا فِيهَا مِنْ الْحُسْنِ وَالتَّصَاوِيرِ، فَقَالَ: أُولَئِكَ إذَا مَاتَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ التَّصَاوِيرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا صُوَرٌ فَقَدْ صَلَّى الصَّحَابَةُ فِي الْكَنِيسَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>