للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا نَامَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ صَلَّى فِي النَّهَارِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً» ، وَقَالَ: «مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ إلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنْ اللَّيْلِ» .

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ صَلَاةُ الضُّحَى فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ يُدَاوِمُ عَلَيْهَا بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِسُنَّتِهِ، وَمَنْ زَعَمَ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّ رَكْعَتَيْ الضُّحَى كَانَتَا وَاجِبَتَيْنِ عَلَيْهِ، فَقَدْ غَلِطَ. وَالْحَدِيثُ الَّذِي يَذْكُرُونَهُ «ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرِيضَةٌ، وَلَكُمْ تَطَوُّعٌ: الْوِتْرُ، وَالْفَجْرُ، وَرَكْعَتَا الضُّحَى» حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ: بَلْ ثَبَتَ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي وَقْتَ الضُّحَى لِسَبَبٍ عَارِضٍ؛ لَا لِأَجْلِ الْوَقْتِ: مِثْلُ أَنْ يَنَامَ مِنْ اللَّيْلِ، فَيُصَلِّي مِنْ النَّهَارِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَمِثْلُ أَنْ يَقْدَمَ مِنْ سَفَرٍ وَقْتَ الضُّحَى، فَيَدْخُلَ الْمَسْجِدَ فَيُصَلِّيَ فِيهِ.

وَمِثْلُ مَا «صَلَّى لَمَّا فَتَحَ مَكَّةَ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ» ، وَهَذِهِ الصَّلَاةُ كَانُوا يُسَمُّونَهَا صَلَاةَ الْفَتْحِ؛ وَكَانَ مِنْ الْأُمَرَاءِ مَنْ يُصَلِّيهَا إذَا فَتَحَ مِصْرًا، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا صَلَّاهَا لَمَّا فَتَحَ مَكَّةَ.

وَلَوْ كَانَ سَبَبُهَا مُجَرَّدَ الْوَقْتِ كَقِيَامِ اللَّيْلِ، لَمْ يَخْتَصَّ بِفَتْحِ مَكَّةَ؛ وَلِهَذَا كَانَ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْ لَا يُصَلِّي الضُّحَى؛ لَكِنْ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ: صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى كُلَّ يَوْمٍ» .

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>