للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ الْأَفْضَلُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَحَرَّى صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ]

فَصْلٌ وَالْأَفْضَلُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَحَرَّى صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّتِي كَانَ يُصَلِّيهَا بِأَصْحَابِهِ، بَلْ هَذَا هُوَ الْمَشْرُوعُ الَّذِي يَأْمُرُ بِهِ الْأَئِمَّةُ، كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ «قَالَ لِمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ وَصَاحِبِهِ: إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَحَدُكُمَا، وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» .

وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ «كَانَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ بِمَا بَيْنَ السِّتِّينَ آيَةً إلَى مِائَةِ آيَةٍ» ، وَهَذَا بِالتَّقْرِيبِ نَحْوُ ثُلُثِ جُزْءٍ، إلَى نِصْفِ جُزْءٍ مِنْ تَجْزِئَةِ ثَلَاثِينَ. فَكَانَ يَقْرَأُ بِطِوَالِ الْمُفَصَّلِ. يَقْرَأُ بِقَافٍ، وَيَقْرَأُ أَلَمْ تَنْزِيلٌ، وَتَبَارَكَ، وَيَقْرَأُ سُورَةَ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَقْرَأُ الصَّافَّاتِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ.

وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ بِنَحْوِ ثَلَاثِينَ آيَةً، وَيَقْرَأُ فِي الْعَصْرِ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَيَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، مِثْلَ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ. وَفِي الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ بِنَحْوِ: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس: ١] وَ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: ١] ، وَنَحْوِهِمَا.

وَكَانَ أَحْيَانًا يُطِيلُ الصَّلَاةَ، وَيَقْرَأُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى يَقْرَأَ فِي الْمَغْرِبِ (بِالْأَعْرَافِ) وَيَقْرَأَ فِيهَا (بِالطُّورِ) ، وَيَقْرَأَ فِيهَا (بِالْمُرْسَلَاتِ) . وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ قَرَأَ مَرَّةً فِي الْفَجْرِ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَعُمَرُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ: (بِسُورَةِ هُودٍ) (وَسُورَةِ يُوسُفَ) وَنَحْوِهِمَا، وَأَحْيَانًا يُخَفِّفُ إمَّا لِكَوْنِهِ فِي السَّفَرِ، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ. كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنِّي لَأَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُطِيلَهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأُخَفِّفُ لِمَا أَعْلَمُ مِنْ وَجْدِ أُمِّهِ بِهِ» حَتَّى رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَ فِي الْفَجْرِ (سُورَةَ التَّكْوِيرِ) (وَسُورَةَ الزَّلْزَلَةِ) ؛ فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَحَرَّى الِاقْتِدَاءَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَإِذَا كَانَ الْمَأْمُومُونَ لَمْ يَعْتَادُوا لِصَلَاتِهِ، وَرُبَّمَا نَفَرُوا عَنْهَا دَرَّجَهُمْ إلَيْهَا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، فَلَا يَبْدَؤُهُمْ بِمَا يُنَفِّرُهُمْ عَنْهَا، بَلْ يَتْبَعُ السُّنَّةَ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>