للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا يُصَلِّي مَعَهُ» .

فَهُنَا هَذَا الْمُتَصَدِّقُ قَدْ أَعَادَ الصَّلَاةَ لِيَحْصُلَ لِذَلِكَ الْمُصَلِّي فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ، ثُمَّ الْإِعَادَةُ الْمَأْمُورُ بِهَا مَشْرُوعَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِكٍ وَقْتَ النَّهْيِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا تُشْرَعُ وَقْتَ النَّهْيِ.

وَأَمَّا الْمَغْرِبُ: فَهَلْ تُعَادُ عَلَى صِفَتِهَا؟ أَمْ تُشْفَعُ بِرَكْعَةٍ؟ أَمْ لَا تُعَادُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ مَشْهُورَةٍ لِلْفُقَهَاءِ.

وَمِمَّا جَاءَ فِيهِ الْإِعَادَةُ لِسَبَبٍ مَا ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ صَلَوَاتِ الْخَوْفِ صَلَّى بِهِمْ الصَّلَاةَ مَرَّتَيْنِ، صَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى بِطَائِفَةٍ أُخْرَى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، وَمِثْلُ هَذَا حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ لَمَّا كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُنَا إعَادَةٌ أَيْضًا، وَصَلَاةٌ مَرَّتَيْنِ.

وَالْعُلَمَاءُ الْمُتَنَازِعُونَ فِي مِثْلِ هَذَا: وَهِيَ مَسْأَلَةُ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: فَقِيلَ: لَا يَجُوزُ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ فِي إحْدَى الرِّوَايَاتِ.

وَقِيلَ: يَجُوزُ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ ثَانِيَةٍ. وَقِيلَ: يَجُوزُ لِلْحَاجَةِ مِثْلَ حَالِ الْخَوْفِ، وَالْحَاجَةِ إلَى الِائْتِمَامِ بِالْمُتَطَوِّعِ، وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهَا كَرِوَايَةٍ ثَالِثَةٍ عَنْ أَحْمَدَ.

وَيُشْبِهُ هَذَا إعَادَةُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا أَوَّلًا؛ فَإِنَّ هَذَا لَا يُشْرَعُ بِغَيْرِ سَبَبٍ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، بَلْ لَوْ صَلَّى عَلَيْهَا مَرَّةً ثَانِيَةً ثُمَّ حَضَرَ مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَهَلْ يُصَلِّي عَلَيْهَا

؟ عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ: قِيلَ: يُصَلِّي عَلَيْهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَيُصَلِّي عِنْدَهُمَا عَلَى الْقَبْرِ، لِمَا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، أَنَّهُمْ صَلَّوْا عَلَى جِنَازَةٍ بَعْدَ مَا صَلَّى عَلَيْهَا غَيْرُهُمْ.

وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ، كَمَا يَنْهَيَانِ عَنْ إقَامَةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، قَالُوا: لِأَنَّ الْفَرْضَ يَسْقُطُ بِالصَّلَاةِ الْأُولَى، فَتَكُونُ الثَّانِيَةُ نَافِلَةً، وَالصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ لَا يُتَطَوَّعُ بِهَا.

وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ يُصَلِّي الْفَرِيضَةَ فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يُجِيبُونَ بِجَوَابَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>