للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلْ الصَّوَابُ أَنَّ آكِلَهَا يُحَدُّ، وَأَنَّهَا نَجِسَةٌ، فَإِذَا كَانَ آكِلُهَا لَمْ يَغْسِلْ مِنْهَا فَمَهُ كَانَتْ صَلَاتُهُ بَاطِلَةً، وَلَوْ غَسَلَ فَمَهُ مِنْهَا أَيْضًا فَهِيَ خَمْرٌ، وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَادَ فَشَرِبَهَا لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَادَ فَشَرِبَهَا فِي - الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ - كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ قَالَ: عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ» . وَإِذَا كَانَتْ صَلَاتُهُ تَارَةً بَاطِلَةً وَتَارَةً غَيْرَ مَقْبُولَةٍ، فَإِنَّهُ يَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، فَمَنْ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ كَانَ عَاصِيًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ.

وَمَنْ مَنَعَ الْمُنْكِرَ عَلَيْهِ فَقَدْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ، فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ فِي أَمْرِهِ؛ وَمَنْ قَالَ: فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ، حُبِسَ فِي رَدْغَةِ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ، وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُ لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ» فَالْمُخَاصِمُونَ [عَنْهُ مُخَاصِمُونَ] فِي بَاطِلٍ، وَهُمْ فِي سَخَطِ اللَّهِ، وَالْحَائِلُونَ ذَلِكَ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِ مُضَادُّونَ لِلَّهِ فِي أَمْرِهِ، وَكُلُّ مَنْ عَلِمَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ فَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ خَطِيب لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ امْتَنَعُوا عَنْ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ]

٢٤٧ - ١٦٣ - مَسْأَلَةٌ: فِي خَطِيبٍ قَدْ حَضَرَ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ، فَامْتَنَعُوا عَنْ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ، لِأَجْلِ بِدْعَةٍ فِيهِ، فَمَا هِيَ الْبِدْعَةُ الَّتِي تَمْنَعُ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ؟

الْجَوَابُ: لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا أَحَدًا مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ وَالْجُمُعَةِ، وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فَاسِقًا.

وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُمْ تَرْكُ الْجُمُعَةِ وَنَحْوِهَا لِأَجْلِ فِسْقِ الْإِمَامِ، بَلْ عَلَيْهِمْ فِعْلُ ذَلِكَ خَلْفَ الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا، وَإِنْ عَطَّلُوهَا لِأَجْلِ فِسْقِ الْإِمَامِ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا.

وَإِنَّمَا تَنَازَعُ الْعُلَمَاءُ فِي الْإِمَامِ إذَا كَانَ فَاسِقًا، أَوْ مُبْتَدِعًا، وَأَمْكَنَ أَنْ يُصَلِّي خَلْفَ عَدْلٍ. فَقِيلَ: تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا.

وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَأَبِي حَنِيفَةَ.

وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ خَلْفَ الْفَاسِقِ، إذَا أَمْكَنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>