للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .

وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ تَبْلِيغًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ: لِمَرَضِهِ.

وَالْعُلَمَاءُ الْمُصَنِّفُونَ لَمَّا احْتَاجُوا أَنْ يَسْتَدِلُّوا عَلَى جَوَازِ التَّبْلِيغِ لِحَاجَةٍ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ سُنَّةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا هَذَا، وَهَذَا يَعْلَمُهُ عِلْمًا يَقِينًا مَنْ لَهُ خِبْرَةٌ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذَا التَّبْلِيغَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ لَيْسَ بِمُسْتَحَبٍّ، بَلْ صَرَّحَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: تَبْطُلُ صَلَاةُ فَاعِلِهِ، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَأَحْمَدَ، وَغَيْرِهِ.

وَأَمَّا الْحَاجَةُ لِبُعْدِ الْمَأْمُومِ، أَوْ لِضَعْفِ الْإِمَامِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ فِي هَذِهِ، وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَصْحَابِ أَحْمَدَ أَنَّهُ جَائِزٌ فِي هَذَا الْحَالِ، وَهُوَ أَصَحُّ قَوْلَيْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَبَلَغَنِي أَنَّ أَحْمَدَ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ، وَحَيْثُ جَازَ وَلَمْ يَبْطُلْ فَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُخِلَّ بِشَيْءٍ مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ.

فَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُبَلِّغُ لَا يَطْمَئِنُّ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ، وَإِنْ كَانَ أَيْضًا يَسْبِقُ الْإِمَامَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِ أَحْمَدَ.

وَهُوَ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ، وَأَقْوَالُ الصَّحَابَةِ، وَإِنْ كَانَ يُخِلُّ بِالذِّكْرِ الْمَفْعُولِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالتَّسْبِيحِ وَنَحْوِهِ فَفِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ خِلَافٌ.

وَظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ أَنَّهَا تَبْطُلُ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ التَّبْلِيغَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ بِدْعَةٌ، وَمَنْ اعْتَقَدَهُ قُرْبَةً مُطْلَقَةً فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ إمَّا جَاهِلٌ، وَإِمَّا مُعَانِدٌ، وَإِلَّا فَجَمِيعُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الطَّوَائِفِ قَدْ ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي كُتُبِهِمْ، حَتَّى فِي الْمُخْتَصَرَاتِ.

قَالُوا: وَلَا يَجْهَرُ بِشَيْءٍ مِنْ التَّكْبِيرِ. إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا، وَمَنْ أَصَرَّ عَلَى اعْتِقَادِ كَوْنِهِ قُرْبَةً فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ عَلَى ذَلِكَ لِمُخَالَفَتِهِ الْإِجْمَاعَ، هَذَا أَقَلُّ أَحْوَالِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ الْجَهْرُ بِالتَّكْبِيرِ خَلْفَ الْإِمَامِ]

٢٧٤ - ١٩٠ - مَسْأَلَةٌ: هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُكَبِّرَ خَلْفَ الْإِمَامِ؟

الْجَوَابُ: لَا يُشْرَعُ الْجَهْرُ بِالتَّكْبِيرِ خَلْفَ الْإِمَامِ الَّذِي هُوَ الْمُبَلِّغُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ: بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، فَإِنَّ بِلَالًا لَمْ يَكُنْ يُبَلِّغُ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ وَلَا غَيْرُهُ، وَلَمْ يَكُنْ يُبَلِّغُ

<<  <  ج: ص:  >  >>