للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَغْرِبِ، كَمَا كَانَ بِعَرَفَةَ لَا يَفِيضُ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَأَمَّا إذَا كَانَ يَنْزِلُ وَقْتَ الْعَصْرِ فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا، فَلَيْسَ الْقَصْرُ كَالْجَمْعِ، بَلْ الْقَصْرُ سُنَّةٌ رَاتِبَةٌ، وَأَمَّا الْجَمْعُ فَإِنَّهُ رُخْصَةٌ عَارِضَةٌ، وَمَنْ سَوَّى مِنْ الْعَامَّةِ بَيْنَ الْجَمْعِ وَالْقَصْرِ فَهُوَ جَاهِلٌ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِأَقْوَالِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ.

فَإِنَّ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَّقَتْ بَيْنَهُمَا، وَالْعُلَمَاءُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا سُنَّةٌ، وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِهِ، وَتَنَازَعُوا فِي جَوَازِ الْآخَرِ، فَأَيْنَ هَذَا مِنْ هَذَا؟ ، وَأَوْسَعُ الْمَذَاهِبِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، فَإِنَّهُ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ لِلْحَرَجِ، وَالشُّغْلِ، بِحَدِيثٍ رُوِيَ فِي ذَلِكَ.

قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا: يَعْنِي إذَا كَانَ هُنَاكَ شُغْلٌ يُبِيحُ لَهُ تَرْكَ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ جَازَ لَهُ الْجَمْعُ، وَيَجُوزُ عِنْدَهُ وَعِنْدَ مَالِكٍ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ الْجَمْعُ لِلْمَرَضِ، وَيَجُوزُ عِنْدَ الثَّلَاثَةِ الْجَمْعُ لِلْمَطَرِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَفِي صَلَاتَيْ النَّهَارِ نِزَاعٌ بَيْنَهُمْ وَيَجُوزُ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَمَالِكٍ الْجَمْعُ لِلْوَحْلِ، وَالرِّيحِ الشَّدِيدَةِ الْبَارِدَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَيَجُوزُ لِلْمُرْضِعِ أَنْ تَجْمَعَ إذَا كَانَ يَشُقُّ عَلَيْهَا غَسْلُ الثَّوْبِ فِي وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ.

وَتَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي الْجَمْعِ وَالْقَصْرِ: هَلْ يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ؟ فَقَالَ جُمْهُورُهُمْ: لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَعَلَيْهِ تَدُلُّ نُصُوصُهُ وَأُصُولُهُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ: إنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ، وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ هُوَ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا قَدْ بَسَطْت هَذَا الْمَسْأَلَةَ فِي مَوْضِعِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[صَلَاة الْجَمْعِ فِي الْمَطَرِ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ]

٢٩٢ - ٢٠٨ - سُئِلَ: عَنْ صَلَاةِ الْجَمْعِ فِي الْمَطَرِ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ. هَلْ يَجُوزُ مِنْ الْبَرْدِ الشَّدِيدِ؟ أَوْ الرِّيحِ الشَّدِيدَةِ؟ أَمْ لَا يَجُوزُ إلَّا مِنْ الْمَطَرِ خَاصَّةً؟

أَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ لِلْمَطَرِ، وَالرِّيحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>