للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالدُّعَاءُ عِبَادَةٌ، وَالْعِبَادَةُ مَبْنَاهَا عَلَى التَّوْقِيفِ وَالِاتِّبَاعِ، لَا عَلَى الْهَوَى وَالِابْتِدَاعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَة مِنْ فَعَلَ مَا يُشَوِّشُ بِهِ عَلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ]

٣٢٨ - ١٦ - مَسْأَلَةٌ:

فِي مَسْجِدٍ يُقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنُ وَالتَّلْقِينُ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، ثُمَّ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ شُهُودٌ يُكْثِرُونَ الْكَلَامَ وَيَقَعُ التَّشْوِيشُ عَلَى الْقُرَّاءِ، فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟

الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُؤْذِيَ أَهْلَ الْمَسْجِدِ أَهْلَ الصَّلَاةِ أَوْ الْقِرَاءَةِ أَوْ الذِّكْرِ أَوْ الدُّعَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا بُنِيَتْ الْمَسَاجِدُ لَهُ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا عَلَى بَابِهِ قَرِيبًا مِنْهُ مَا يُشَوِّشُ عَلَى هَؤُلَاءِ، بَلْ قَدْ «خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَيَجْهَرُونَ بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُّكُمْ يُنَاجِي رَبَّهُ فَلَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ» . فَإِذَا كَانَ قَدْ نَهَى الْمُصَلِّيَ أَنْ يَجْهَرَ عَلَى الْمُصَلِّي فَكَيْفَ بِغَيْرِهِ؟ وَمَنْ فَعَلَ مَا يُشَوِّشُ بِهِ عَلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ أَوْ فَعَلَ مَا يُفْضِي إلَى ذَلِكَ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَة مِنْ دَعَا دُعَاءً مَلْحُونًا]

٣٢٩ - ١٧ - مَسْأَلَةٌ:

عَنْ رَجُلٍ دَعَا دُعَاءً مَلْحُونًا، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا يَقْبَلُ اللَّهُ دُعَاءً مَلْحُونًا، وَأَمَّا مَنْ دَعَا اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ بِدُعَاءٍ جَائِزٍ سَمِعَهُ اللَّهُ وَأَجَابَ دُعَاهُ، سَوَاءٌ كَانَ مُعْرَبًا أَوْ مَلْحُونًا، وَالْكَلَامُ الْمَذْكُورُ لَا أَصْلَ لَهُ، بَلْ يَنْبَغِي لِلدَّاعِي إذَا لَمْ يَكُنْ عَادَتُهُ الْإِعْرَابُ أَنْ لَا يَتَكَلَّفَ الْإِعْرَابَ، قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إذَا جَاءَ الْإِعْرَابُ ذَهَبَ الْخُشُوعُ، وَهَذَا كَمَا يُكْرَهُ تَكَلُّفُ السَّجْعِ فِي الدُّعَاءِ فَإِذَا وَقَعَ بِغَيْرِ تَكَلُّفٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ، فَإِنَّ أَصْلَ الدُّعَاءِ مِنْ الْقَلْبِ، وَاللِّسَانُ تَابِعٌ لِلْقَلْبِ، وَمَنْ جَعَلَ هِمَّتَهُ فِي الدُّعَاءِ تَقْوِيمَ لِسَانِهِ أَضْعَفَ تَوَجُّهَ قَلْبِهِ. وَلِهَذَا يَدْعُو الْمُضْطَرُّ بِقَلْبِهِ دُعَاءً يُفْتَحُ عَلَيْهِ، لَا يُحَضِّرُهُ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>