للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ» .

كَذَلِكَ لَا يُؤْمَرُ النَّاذِرُ أَنْ يَفْعَلَهَا، فَمَنْ فَعَلَهَا عَلَى وَجْهِ التَّعَبُّدِ بِهَا وَالتَّقَرُّبِ، وَاِتِّخَاذِ ذَلِكَ دِينًا وَطَرِيقًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَهُوَ ضَالٌّ جَاهِلٌ، مُخَالِفٌ لِأَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافًا، وَنَحْوَ ذَلِكَ، إنَّمَا يَفْعَلُهُ تَدَيُّنًا، وَلَا رَيْبَ أَنَّ فِعْلَهُ عَلَى وَجْهِ التَّدَيُّنِ حَرَامٌ، فَإِنَّهُ يَعْتَقِدُ مَا لَيْسَ بِقُرْبَةٍ قُرْبَةً، وَيَتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا لَا يُحِبُّهُ اللَّهُ، وَهَذَا حَرَامٌ، لَكِنْ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ بُلُوغِ الْعِلْمِ إلَيْهِ، فَقَدْ يَكُونُ مَعْذُورًا بِجَهْلِهِ، إذَا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ، فَإِذَا بَلَغَهُ الْعِلْمُ فَعَلَيْهِ التَّوْبَةُ.

وَجِمَاعُ الْأَمْرِ فِي الْكَلَامِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» .

فَقَوْلُ الْخَيْرِ، وَهُوَ الْوَاجِبُ، أَوْ الْمُسْتَحَبُّ، خَيْرٌ مِنْ السُّكُوتِ عَنْهُ، وَمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَلَا مُسْتَحَبٍّ، فَالسُّكُوتُ عَنْهُ خَيْرٌ مِنْ قَوْلِهِ.

وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ لِصَاحِبِهِ: السُّكُوتُ عَنْ الشَّرِّ خَيْرٌ مِنْ التَّكَلُّمِ بِهِ، فَقَالَ لَهُ الْآخِرُ: التَّكَلُّمُ بِالْخَيْرِ خَيْرٌ مِنْ السُّكُوتِ عَنْهُ.

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المجادلة: ٩] .

وَقَالَ تَعَالَى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: ١١٤] .

<<  <  ج: ص:  >  >>