للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجْهُ الصَّبِيِّ الْمُسْلِمِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَالطِّفْلُ يَكُونُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أَبِيهِ، وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ كَافِرَةً بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.

[تَلْقِين الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ دَفْنِهِ]

٣٧٦ - ١٦ - سُئِلَ: مُفْتِي الْأَنَامِ، بَقِيَّةُ السَّلَفِ الْكِرَامِ، تَقِيُّ الدِّينِ بَقِيَّةُ الْمُجْتَهِدِينَ، أَثَابَهُ اللَّهُ، وَأَحْسَنَ إلَيْهِ. عَنْ تَلْقِينِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ دَفْنِهِ، هَلْ صَحَّ فِيهِ حَدِيثٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. أَوْ عَنْ صَحَابَتِهِ؟ وَهَلْ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ يَجُوزُ فِعْلُهُ؟ أَمْ لَا؟

أَجَابَ: هَذَا التَّلْقِينُ الْمَذْكُورُ قَدْ نُقِلَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ: أَنَّهُمْ أَمَرُوا بِهِ، كَأَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، وَغَيْرِهِ، وَرُوِيَ فِيهِ حَدِيثٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكِنَّهُ مِمَّا لَا يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ؛ وَلَمْ يَكُنْ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ يَفْعَلُ ذَلِكَ، فَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ: إنَّ هَذَا التَّلْقِينَ لَا بَأْسَ بِهِ، فَرَخَّصُوا فِيهِ، وَلَمْ يَأْمُرُوا بِهِ. وَاسْتَحَبَّهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَكَرِهَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَغَيْرِهِمْ.

وَاَلَّذِي فِي السُّنَنِ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّهُ كَانَ يَقُومُ عَلَى قَبْرِ الرَّجُلِ مِنْ أَصْحَابِهِ إذَا دُفِنَ، وَيَقُولُ: سَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ» ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَقِّنُوا أَمْوَاتَكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» . فَتَلْقِينُ الْمُحْتَضَرِ سُنَّةٌ، مَأْمُورٌ بِهَا.

وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْمَقْبُورَ يُسْأَلُ، وَيُمْتَحَنُ، وَأَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالدُّعَاءِ لَهُ؛ فَلِهَذَا قِيلَ: إنَّ التَّلْقِينَ يَنْفَعُهُ، فَإِنَّ الْمَيِّتَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ. كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: إنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ» وَأَنَّهُ قَالَ: «مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ» ، وَأَنَّهُ أَمَرَنَا بِالسَّلَامِ عَلَى الْمَوْتَى. فَقَالَ: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ الرَّجُلِ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَيُسَلِّمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>