للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ يَتَكَلَّمُ الْمُنَافِقُ فَيَقُولُ: آهْ، آهْ، لَا أَدْرِي، سَمِعْت النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْته، فَيُضْرَبُ بِمِرْزَبَّةٍ مِنْ حَدِيدٍ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا كُلُّ شَيْءٍ إلَّا الْإِنْسَانُ.

وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: «لَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا لَسَأَلْت اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مِثْلَ الَّذِي أَسْمَعُ» وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّهُ نَادَى الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ لَمَّا أَلْقَاهُمْ فِي الْقَلِيبِ، وَقَالَ: مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ» وَالْآثَارُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ مُنْتَشِرَةٌ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بُكَاء الْأُمِّ وَالْإِخْوَةِ عَلَى الْمَيِّتِ]

٣٩٥ - ٣٥ - سُئِلَ: عَنْ بُكَاءِ الْأُمِّ وَالْإِخْوَةِ عَلَى الْمَيِّتِ: هَلْ فِيهِ بَأْسٌ عَلَى الْمَيِّتِ؟

أَجَابَ: أَمَّا دَمْعُ الْعَيْنِ، وَحُزْنُ الْقَلْبِ، فَلَا إثْمَ فِيهِ؛ لَكِنَّ النَّدْبَ وَالنِّيَاحَةَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَأَيُّ صَدَقَةٍ تُصُدِّقَ بِهَا عَنْ الْمَيِّتِ نَفَعَهُ ذَلِكَ.

[مَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّعْزِيَةِ]

٣٩٦ - ٣٦ - سُئِلَ: عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِالتَّعْزِيَةِ؟ الْجَوَابُ: التَّعْزِيَةُ مُسْتَحَبَّةٌ، فَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ» أَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: مَا نَقَصَ مِنْ عُمْرِهِ زَادَ فِي عُمْرِك، فَغَيْرُ مُسْتَحَبٍّ، بَلْ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُدْعَى لَهُ بِمَا يَنْفَعُ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: أَعْظَمُ اللَّهُ أَجْرَك وَأَحْسَنَ عَزَاك، وَغَفَرَ لِمَيِّتِك.

وَأَمَّا نَقْصُ الْعُمْرِ وَزِيَادَتُهُ، فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ، وَيُحْمَلُ مَا وَرَدَ عَلَى زِيَادَةِ الْبَرَكَةِ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَحْصُلُ نَقْصٌ وَزِيَادَةٌ عَمَّا كُتِبَ فِي صُحُفِ الْمَلَائِكَةِ. وَأَمَّا عِلْمُ اللَّهِ الْقَدِيمِ فَلَا يَتَغَيَّرُ.

وَأَمَّا اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ: فَهَلْ يُغَيَّرُ مَا فِيهِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ. وَعَلَى هَذَا يَتَّفِقُ مَا وَرَدَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ النُّصُوصِ.

وَأَمَّا صَنْعَةُ الطَّعَامِ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ، فَمُسْتَحَبَّةٌ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا، فَقَدْ أَتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ» لَكِنْ إنَّمَا يَطِيبُ إذَا كَانَ بِطِيبِ نَفْسِ الْمُهْدِي، وَكَانَ عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ مُكَافَأَةً عَنْ مَعْرُوفٍ مِثْلِهِ، فَإِنْ عَلِمَ الرَّجُلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>