للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لما ألقي هذا الحلم القرني على الفارياق أخذ يعبث بشاربيه على عادته ويفرك جبينه بيده ويزوي ما بين عينيه. إلى أن اهتدى إلى تعبيره فكتب بجانبه ما صورته. هذا ما عّبر به العبد الذليل المسمى بالفارياق لجناب المولى المكرم السيد ذاهول بن غافول عن حلمه الذي رآه في منامه. إن الفرس كناية عن امرأة. والمشي والإعياء كناية عن العزوبة. والسرج كناية عن أدب المرأة. واللجام عن عرضها. والمكان الحرج كناية عن الولائم والمآدب والزيارات التي يتجشمها المتزوج ويدخل فيها رأسه ورأس امرأته. والغصن كناية عن بعض المدعوين الذين ينشبون في الزوجة. والقرون كناية عن الحالة الزوجية التي يكون عليها الرجل والمرأة. ونبتها واضمحلالها كناية عن تغيير تلك الحالة ورجوعها إلى ما كانت عليه. ومبيته في الخانات عن سفره بزوجته. وغياب الفرس كناية عن فقدها. وباقي الحلم مفهوم بالفحوى والله أعلم. فلما أخذ التعبير وأمعن النظر فيه مليا رجع إلى الفارياق عجلاً وعلى طلعته آثار الغيظ وقال: أن في تعبيرك خطأ من وجوه. الأول أن عبارتك موجزة بخلاف عادة المعبرين. والثاني أن الفرس ليست كناية عن المرأة فإن المرأة عندنا لا تكون دون الرجل أي تحته بل هي أعلى منه. فيجب أن يكون تعبيرك بحسب اصطلاحنا لا بحسب اصطلاحكم. والثالث أن اللجام لا يكون كناية عن عرض المرأة فإن اللجام إنما يوضع في الفم وعرض المرأة لا يكون في فمها. ولكن ينبغي الآن أن تدع هذا وتأخذ في تعبير الحلم الثاني. فاجتهد في التحرير والإسهاب. فعسى أن تصيب وتحرز الثواب.

الحلم الثاني

<<  <   >  >>