للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونهمته أضرم. ونهزته أقوى. ومزته أروى. وسنانه أذلق. وسهمه أخسق. ونشره أعبق. وحبه أعلق. وطعمته أطيب وأوفر. ومادته أسكب وأغزر. وقد نسوا أن تبعق حوضه في غير سقي واحد هو عين السبب في تنكيزنزه ونزته. وتفتير شرزه ولزته إلى ذلك مما لا يليق أن تقابل به مومسة ولا حَصان. ولا يوصف به دالف ولا تيقان. قال الهارس فلما تراجع المذهبان. وتكافح المطلبان. قلت في نفسي من لنا اليوم بالفارياق. فيفتينا في هذا الأمر الرباق. فأنه أعلق بالنساء من الريبة. وأعرف بأحوالهن من ذي شيبة وشبيبة. فلقد ذاق منهن الحلو والمرَّ ولقي من حبهن النفع والضر. فلو كان حاضراً لدينا لجلا عنا ما ألتبس علينا. فسرت إلى بعض أصحابي. لا طلعه على ما بي. فما كدت اقرع الباب. حتى هوى إليّ وبيده كتاب. ثم قال بشرى بشرى فهذا كتاب من الفارياق بلغني أمس ولم يحو إِلا شعراً فتلقفته من يده فإذا فيه. أما بعد فإن:

القرطبان هو الذي ... يقرو البلاد بعرسه

وبها الحسان الغيد ... يستنشين نفحة فلسه

من كل ذات تدهكر ... شحاذ نابي ضرسه

شدّاد رخو فقاره ... نعّاشه من تعسه

وبها الفحول الهائجو ... ن إلى تسدّيعَنْسه

وإلى اشتفاف جميع ما ... في قعبه أو عُسّه

ولربما نبرزه بالأد ... ساف أقبح رجسه

حتى يعود وما له ... آسٍ لمعضل ألسه

أن اللبيب من استشا ... ر منجّذاً في لبَسْه

لا سيما شأن الزوا ... ج وحمل فادح وقسه

من شاقه تمويهه ... ومذاق لذة رغسه

فليبعلن في قَسّه ... كي يستبد بحلسه

حيث السفاح مغصّص ... من يشرئب للحسه

إن الغريب أضر من ... متهتك في جنسه

أو لا ففي حال العزو ... بة وهو مالك رأسه

صون لدرهمه وحر ... مته وراحة نفسه

بل من تزوج يومه ... خير له من أمسه

إذ كان في حال التعزّ ... ب موحشاً من إنسه

لكن بشرط نفوره ... عن ريبة في حدسه

فالبضعَ ثم البضعَ لا ... تتشاغلن عن قَسّه

ما أن يضر ختام ما ... قد طاب نافع رَسّه

لكنما يجب التحرّ ... زمن بواعث نحسه

قال الهارس فلما تصفحت الأبيات. وزكنت ما فيها من الإشارات. قلت لله دره ما أفصله لأمور النساء ناظماً وناثراً. وما أحوجنا إلى استفتائه فيهن غائباً وحاضراً. لكنه لم ينبس عن حاله إلا فيما هو من مشكل الزواج. فكأنه رأى كل أمر دونه فإنما صوانه الإعفاج. ثم انصرفت مثنياً عليه.. وقد زاد تشوقي إليه.

"حاشية: صغا الهارس مع الفارياق فلذلك لم يعب عليه بعض أبياته فإنها مضطربة العبارة. وليس من شأني التدليس على القاري فقد صار بيننا صحبة طويلة من أول هذا الكتاب. فليتنبّه لذلك".

رثاء ولد

<<  <   >  >>