للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتنعله وفى شأنه كله، وكانت يده اليسرى لخلائه وما كان من أذى. وإذا نام واضطجع اضطجع على جنبه الأيمن مستقبل القبلة.

وكان مجلسه مجلس حلم، وحياء، وأمانة، وصيانة، وصبر، وسكينة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا يؤذين فيه الحرم، أى لا يذكر فيه النساء، يتعاطفون فيه بالتقوى، ويتواضعون، ويوقر الكبار، ويرحم الصغار، ويؤثرون المحتاج، ويحفظون الغريب، ويخرجون أدلة على الخير. وكان يتألف أصحابه، ويكرم كريم كل قوم ويوليه أمرهم، ويتفقد أصحابه، ولم يكن فاحشًا ولا متفحشًا، ولا يجزى بالسيئة السيئة، بل يعفو ويصفح، ولم يضرب خادمًا ولا امرأة ولا شيئًا قط، إلا أن يجاهد فى سبيل الله، وما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثمًا.

ودلائل كل ما ذكرته فى الصحيح مشهورة، وقد جمع الله سبحانه وتعالى له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كمال الأخلاق، ومحاسن الشيم، وآتاه علم الأولين والآخرين، وما فيه النجاة والفوز، وهو أمىّ لا يقرأ ولا يكتب، ولا مُعلم له من البشر، وآتاه ما لم يؤت أحدًا من العالمين، واختاره على جميع الأولين والآخرين، صلوات الله عليه وسلامه دائمين إلى يوم الدين. ثبت فى الصحيح عن أنس بن مالك، رضى الله عنه، قال: ما مستت ديباجًا ولا حريرًا ألين من كف رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا شممت رائحة قط أطيب من رائحة رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولقد خدمت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عشر سنين، فما قال لى قط أف، ولا قال لشىء فعلته: لم فعلته، ولا لشىء لم أفعله: ألا فعلت كذا.

فصل فى معجزاته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معجزات ظاهرات وأعلام متظاهرات تبلغ ألوفًا، وهى مشهورات، فمنها القرآن، المعجزة الظاهرة، والدلالة الباهرة، {لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: ٤٢] ، الذى أعجز البلغاء فى أفصح الأعصار، وأعياهم أن يأتوا بسورة منه ولو استعانوا بجميع الخلق. قال الله تعالى: {قُل لَّئِنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>