للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

قدر الله الجدب والضيق حصل الجدب والضيق، وإذا قدرت الفتن والقتال وقع ذلك، وإذا قدر رفعه رفع.

وعلى كل حال فإن كل شيء يقضيه الله فلابد أن يقع، ولكن ليلاحظ أنه قد يكون لهذا المقضي موانع قضاها الله عز وجل، كما جاء في الحديث (لا يرد القدر إلا الدعاء) (١) ، فنقول: هذا مقدر، ثم قدر له مانع بأمر الله عز وجل فمنعه، إذا كل ما قضاه الله أو قدره - حتى ما كان مقضيا - ثم وجد له المانع فإنه داخل في عموم كلام المؤلف رحمه الله.

ولهذا نرى من الجهل أن يقول بعض الناس في دعائه: ((اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه) ، وكأنه يقول: ابتلني بما شئت فإنه لا يهم، بل المهم اللطف بي - فسبحان الله - إن هذا الدعاء لا يصح نقلاً عن السلف، وإن صح عن بعضهم فلا يمكن أن يصح عن الصحابة رضي الله عنهم، الذين أقوالهم مأثورة ومشهورة.

ولكن قل: (اللهم إني أسألك اللطف في قضائك) . وهذا صحيح، أما قول: ((لا أسألك رد القضاء) ، فإن الله عز وجل لا يقضي شيئاً - سواء لطف بك أو شدد عليك - إلا وقد قضاه، لذلك ينبغي أن ننبه من يقول هذا الدعاء، إلى أنه لا فائدة منه.

فإذا قال الداعي: (اللهم قني عذابك) (٢) ، معناه أنه لا يرد أن يعذبه الله،


(١) رواه ابن ماجه في المقدمة، باب في القدر، رقم (٩٠) .
(٢) رواه الترمذي، كتاب الدعوات، باب منه، رقم (٣٣٩٨) ، وأبو داود، كتاب الأدب، باب ما يقال عند النوم، رقم (٥٠٤٥) ، وابن ماجه، كتاب الدعاء، باب ما يدعو به إذا أوى إلى فراشه، رقم (٣٨٧٧)