للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعتكفة إذا حاضت خرجت من المسجد ونصبت لها قبة في فنائه، وهذا أيضاً يدل على أن منع الحائض كمنعها من الاعتكاف فيه لحرمة المسجد، وإلا فالحيض لا يبُطل اعتكافها لأنّها مضطرة إليه، بل إنّما منع من المسجد لا الاعتكاف فإنّها ليست مضطرة إلى أن تقيم في المسجد، ولو أُبيح لها ذلك مع دوام الحيض لكان في ذلك إباحة المسجد للحيّض.........وقد جمع سبحانه بين العكوف والطواف والصلاة في الأمر بتطهير بيته بقوله سبحانه {طهرا بيتىَ للطائفين والعاكفين والركّع السجود} ،فمنعه من الحيض من تمام طهارته.

وقال أيضاً (١) : حدث الحائض أغلظ من حدث الجنب من جهة أنّها لا تصوم ما لم ينقطع الدم والجنب يصوم، ومن جهة أنّها ممنوعة من الصلاة طهرت أو لم تطهر، ويمنع الرجل من وطئها أيضاً، فهذا يقتضى أن المقتضى في حقّها أقوى، لكن إذا احتاجت إلى الفعل استباحت المحظور مع قيام سبب الحظر لأجل الضرورة كما يُباح سائر المحرمات مع الضرورة من الدمِّ والميتة ولحم الخنزير. أ. هـ

- قلت: ومن أجل ذلك فقد أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية بجواز الطواف للحائض إذا اضطرت لذلك بأن تفقد الرفقة مثلاً واحتاجت إلى الرجوع لديارها بعد أداء مناسك الحجّ ولم يبق لها إلا الطواف كما وضّح هو ذلك، وكذا تلميذه ابن القيم كما سبق، واعتبرا أن ذلك ضرورة كضرورة أكل الميتة ولحم الخنزير والدمّ لمن خشىَّ على نفسه الهلاك والموت.

فهل يمكن اعتبار حضور الحائض لدرس علم في هذه المنزلة التي يُخشى فيها على النفس من الموت أو الهلاك إذا لم تحضر الدروس لمدة أربعة أو خمسة أو ستة أيام؟؟! بالقطع لا، والفارق كبير جداً.

كما أنّه يُمكن تعويض هذه الدروس إمّا بتسجيلها بالمسجلات أو بنقلها كتابة، كما سيأتي في فتوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين.


(١) الفتاوى الكبرى ٢/٣٨٩

<<  <   >  >>