للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَلْتُ فتلحق الزَّوَائِد وتبنيه بِنَاء آخر، كَمَا أَنَّك قلت فِي فَعَلْت، فَعَّلت: حِين كثرت الْفِعْل ثمَّ ذكر المصادر الَّتِي جَاءَت على التَّفْعال، كالتهذار وَنَحْوهَا، قَالَ: وَلَيْسَ شَيْء من هَذَا مصدر فَعَّلْت، وَلَكِن لما أردْت التكثير بنيت الْمصدر على هَذَا، كَمَا بنيت فَعَلْت على فَعَّلْت وَقَول كثير:

وإنِّي وتَهْيامِي بِعَزَّةَ بَعْدَما ... تَخَلَّيْتُ مِما بَينَنا وتَخَلَّتِ

قَالَ ابْن جني: سَأَلت أَبَا عَليّ فَقلت: مَا مَوضِع، " تهيامي " من الْإِعْرَاب؟ فَأفْتى بِأَنَّهُ مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ وَخَبره قَوْله: " بعزة " وَجعل الْجُمْلَة الَّتِي هِيَ " تهيامي بعزة " اعتراضا بَين إِن وخبرها، لِأَن فِي هَذَا أضربا من التَّشْدِيد للْكَلَام، كَمَا تَقول: إِنَّك، فَاعْلَم، رجل سوء: وَإنَّهُ، وَالْحق أَقُول، جميل الْمَذْهَب، وَهَذَا الْفَصْل والاعتراض الْجَارِي مجْرى التوكيد كثير فِي كَلَامهم، قَالَ: وَإِذا جَازَ الِاعْتِرَاض بَين الْفِعْل وَالْفَاعِل فِي نَحْو قَوْله:

وقدْ أدرَكَتْنِيو الحَوادِثُ جَمَّةٌأسِنَّةُ قَوْمٍ لَا ضِعافٍ وَلَا عُزْلِ

كَانَ الِاعْتِرَاض بَين اسْم إِن وخبرها أسوغ، وَقد يحْتَمل بَيت كثير أَيْضا تَأْوِيلا آخر غير مَا ذهب إِلَيْهِ أَبُو عَليّ، وَهُوَ أَن يكون " تهيامي " فِي مَوضِع جر على انه أقسم بِهِ، كَقَوْلِك: إِنِّي، وحبك، لضنين بك، قَالَ ابْن جني: وَعرضت هَذَا الْجَواب على أبي عَليّ فتقبله، وَيجوز أَن يكون تهيامي أَيْضا مرتفعا بِالِابْتِدَاءِ، وَالْبَاء مُتَعَلقَة فِيهِ بِنَفس الْمصدر الَّذِي هُوَ التَّهيام، وَالْخَبَر مَحْذُوف، كَأَنَّهُ قَالَ: وتهيامي بعزة كَائِن أَو وَاقع، على مَا يقدر فِي هَذَا وَنَحْوه.

وَقد هَيَّمَه الْحبّ، قَالَ أَبُو صَخْر:

فَهَلْ لكَ طِبٌّ نافِعٌ مِنْ عَلاقَةٍ ... تُهَيِّمُنِي بينَ الحَشا والترائِبِ

وَالِاسْم الهُيامُ.

وَرجل هَيْمانُ: محب شَدِيد الوجد.

وَقَالُوا: هِمْ لنَفسك وَلَا تَهِمْ لهَؤُلَاء، أَي اطلب لَهَا واهْتَمَّ واحتل.

والهُيام: أَشد الْعَطش، وَقد هامَ الرجل هُياماً فَهُوَ هائِمٌ وأهْيمُ، وَالْأُنْثَى هائمةٌ وهَيماءُ، وهَيْمانُ، عَن سِيبَوَيْهٍ، وَالْأُنْثَى هَيْمَى، وَالْجمع هِيامٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>