للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أن عداوة الشيطان للإنسان تتمثل في سبع مراتب أذكرها هنا بالاختصار.

(١) الكفر والشرك، ومعاداة الله ورسوله، فإذا ظفر الشيطان بذلك من ابن آدم برد أنينه، واستراح من تعبه معه، وهو أول ما يريد من العبد، فإن ظفر به صيره من عسكره ونوابه، فصار من دعاة إبليس، فإن يئس من ذلك نقله للمرتبة الثانية من الشر وهي.

(٢) البدعة: لأنها أحب إليه من: الفسوق والعصيان، وذلك أن ضررها في نفس الدين وهو ضرر متعد، وهي مخالفة لدعوة الرسل، فإن كان الشخص ممن يعادي أهل البدع والضلال نقله إلى المرتبة الثالثة وهي:

(٣) الكبائر على اختلاف أنواعها، فيحرص أن يوقعه فيها، خاصة إذا كان عالماً متبوعاً لينفر الناس عنه. ومن المعلوم أن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم، هذا إذا أحبوا إشاعتها، فكيف إذا تولوا هم إذاعتها؟ فإن عجز عن هذه نقله للتي بعدها وهي:

(٤) الصغائر التي إذا اجتمعت ربما أهلكت صاحبها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (إياكم ومحقرات الذنوب، فإن مثل ذلك قوم نزلوا بفلاة من الأرض) (١) . وذكر حديثاً معناه أن كل واحد منهم جاء بعود حطب حتى أوقدوا ناراً عظيمة فطبخوا واشتووا. ولا يزال يسهل عليه أمر الصغائر حتى يستهين بها. فيكون صاحب الكبيرة الخائف أحسن حالاً منه، فإن أعجزه العبد عن هذه نقله للخامسة.

(٥) إشغاله بالمباحات التي لا ثواب ولا عقاب، بل عاقبتها فوت الثواب الذي ضاع عليه باشتغاله بها، فإن أعجزه العبد عن هذه بأن كان حافظاً لوقته شحيحاً به، يعلم مقدار أنفاسه وما يقابلها من النعيم والعذاب نقله للتي بعدها.


(١) الحديث في مسند أحمد (ج٥/٣٣١) وهو حديث صحيح انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (ح٣٨٩) وصحيح الجامع (ج٢/٣٨٦ ح ٢٦٨٣ و ٢٦٨٤) .

<<  <   >  >>