للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[كيف كانت صورة البراء في العهد المكي]

(١) إن المسلم من حين أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وهو يحس بأنه قد دخل في دين جديد غير دين آبائه وأجداده، إنه (يشعر في اللحظة التي يجيئ فيها إلى الإسلام أنه يبدأ عهداً جديداً منفصلاً كل الانفصال عن حياته التي عاشها في الجاهلية. وكان يقف من كل ما عهده في جاهليته موقف المستريب الشاك الحذر المتخوف الذي يحس أن كل هذا رجس لا يصلح للإسلام. وبهذا الإحساس كان يتلقى هدي الإسلام الجديد ... ويمكننا أن نسمي هذا بـ (العزلة الشعورية) فالمسلم قد انخلع من البيئة الجاهلية، وعرفها وتصورها وعاداتها وروابطها. وانخلع من عقيدة الشرك إلى عقيدة التوحيد، ومن تصور الجاهلية إلى تصور الإسلام عن الحياة والوجود، وانضم إلى التجمع الإسلامي الجديد بقيادته الجديدة. ومنح هذا التجمع وهذه القيادة كل ولائه وطاعته وحبه وتبعيته) (١) .

(٢) بعد ذلك جاء الأمر بالإعراض عن الكفار {فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا {٢٩} ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى { [سورة النجم ٢٩-٣٠] .

(٣) وجاء الأمر أيضاً بالصبر والهجر الجميل قال تعالى:

{وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلاً { [سورة المزمل: ١٠] .


(١) معالم في الطريق (ص١٦-١٧) بتصرف بسيط.

<<  <   >  >>