للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال صلى الله عليه وسلم (الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق، فمن أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله) (١) .

وبهذه الأخوة تكون (المجتمع الإسلامي) ذلك المجتمع الذي تظله راية لا إله إلا الله وتحكمه الشريعة الربانية، ويسوده الحب والتفاني، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، والجهاد رهبانية، والدعوة إلى سبيله ومنهاج حياته، القوي فيه ضعيف حتى يؤخذ الحق منه، والضعيف فيه قوي حتى يأخذ حقه، ولاؤه لله ورسوله والمؤمنين وبغضه وكراهيته لأعداء الله ولو كانوا أقرب قريب، وجدوا حلاوة الإيمان وطعمه، وعرفوا الكفر وأهله حتى أن أحدهم يحب أن يلقى في النار ولا يعود إلى الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما قال صلى الله عليه وسلم - وهذا ما تحقق فيهم - (لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى يحب المرء لا يحبه إلا الله، وحتى أن يقذف في النار أحب إليه من أن يرجع إلى الكفر بعد أن أنقذه الله وحتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما) (٢) .

وبهذه المؤاخاة الإيمانية وجد (التكافل الاجتماعي) وبرزت فيه صور خالدة لم توجد قط إلا فيه وحده!!

ومنها ما رواه البخاري أنهم لما قدموا المدينة آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع، فقال سعد لعبد الرحمن: إني أكثر الأنصار مالاً، فأقسم مالي نصفين! ولي امرأتان فانظر إلى أعجبهما إليك فسمها لي أطلقها، فإذا انقضت عدتها فتزوجها!! قال عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك، أين سوقكم؟ فدلوه على سوق بني قينقاع فما انقلب إلا ومعه فضل من أقط وسمن، ثم تابع الغدو حتى جاء يوماً وبه أثر صفرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مهيم) ؟ قال: تزوجت. قال: (كم سقت إليها) ؟ قال: نواة من ذهب (٣) (وإن إعجاب المرء بسماحة سعد لا يعدله إلا إعجابه بنبل عبد الرحمن


(١) صحيح البخاري (٧/١١٣ ح ٣٧٨٣) كتاب المناقب وصحيح مسلم (١/٨٥ ح ٧٥) كتاب الإيمان. واللفظ للبخاري.
(٢) صحيح البخاري (١٠/٤٦٣ ح ٦٠٤١) كتاب الأدب وصحيح مسلم (١/٦٦ ح ٤٣) كتاب الإيمان واللفظ للبخاري.
(٣) صحيح البخاري كتاب (٧/١١٢ ح ٣٧٨٠) مناقب الأنصار.

<<  <   >  >>