للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد لخص الإمام ابن القيم رحمه الله صورة المجتمع المدني آنذاك بقوله: (لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة صار الكفار معه ثلاثة أقسام: قسم صالحهم ووادعهم على ألا يحاربوه، ولا يظاهرون عليه، ولا يوالوا عليه وهم على كفرهم، آمنون على دمائهم وأموالهم.

وقسم حاربوه ونصبوا له العداوة.

وقسم تاركوه، فلم يصالحوه ولم يحاربوه، بل انتظروا ما يؤول إليه أمره وأمر أعدائه، ثم من هؤلاء من كان يحب ظهوره وانتصاره في الباطن، ومنهم من كان يحب ظهور عدوه عليه وانتصارهم، ومنهم من دخل معه في الظاهر وهو مع عدوه في الباطن، ليأمن الفريقين وهؤلاء هم المنافقون.

فعامل كل طائفة من هذه الطوائف بما أمره به ربه تبارك وتعالى) (١) .

***

وقد اتضح لي من خلال هذا البحث أن هناك ثلاثة أمور هامة هي سمات هذا العهد:

(١) كيد أهل الكتاب للإسلام (ثم النهي والتحذير من موالاتهم وطاعتهم) .

(٢) ظهور النفاق والمنافقين.

(٣) البراء من هؤلاء وأولئك: أي المفاصلة التامة بين المسلمين وأعدائهم ولها صور ترد في موضعها.

أولاً: كيد أهل الكتاب للإسلام وتحذير المسلمين من موالاتهم

تتفق نظرة المنصفين الباحثين في التاريخ اليهودي: أن اليهود أمة حاقدة، الخداع طبعها، والغدر ديدنها، ومحادة الله ورسله خلقها، ولحكمه الله يعلمها انتقلت الرسالة من بين إسرائيل فكان خاتم الأنبياء هو محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي العربي صلى الله عليه وسلم وقد كان كيد اليهود - خاصة - قد بدأ منذ أن كان رسول الله


(١) زاد المعاد (٣/١٢٦) .

<<  <   >  >>