للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقيم دينه، ويظهر إسلامه في أرضه. وقد وعد الله عباده المؤمنين المهاجرين بـ (الحسنات) في الدنيا والآخرة فقال:

{وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ {٤١} الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ { [سورة النحل: ٤١-٤٢] .

وللهجرة مفهوم شامل في التصور الإسلامي ليس مقتصراً على الانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام فحسب ولكنه كما يقول ابن القيم: الهجرة هجرتان هجرة بالجسم من بلد إلى بلد وهذه أحكامها معلومة.

والهجرة الثانية: الهجرة إلى الله ورسوله فهذه هي الهجرة الحقيقية، وهجرة الجسد تابعة لها وهي هجرة تتضمن (من) و (إلى) فيهاجر بقلبه من محبة غير الله إلى محبته، ومن عبودية غيره إلى عبوديته، ومن خوف غيره ورجائه والتوكل عليه إلى خوف الله ورجائه والتوكل عليه. ومن دعاء غيره وسؤاله والخضوع له والذل. والاستكانة إلى دعائه سبحانه وسؤاله والخضوع له والذل له والاستكانة له. وهذا بعينه معنى الفرار إلى الله كما قال تعالى:

{فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ { [سورة الذرايات: ٥٠] .

والتوحيد المطلوب من العبد هو الفرار من الله إليه.

والهجرة إلى الله تتضمن: هجران ما يكرهه، وإتيان ما يحبه ويرضاه.

وأصلها: الحب والبغض، فإن المهاجر من شيء إلى شيء لا بد أن يكون ما يهاجر إليه أحب مما هاجر منه، فيؤثر أحب الأمرين إليه على الآخر.

وهذه الهجرة تقوى وتضعف بحسب دواعي المحبة في قلب العبد، فإن كان

<<  <   >  >>