للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المهلب: كره أهل العلم ذلك - أي مؤاجرة نفسه من مشرك في أرض الحرب - إلا لضرورة بشرطين أحدهما أن يكون عمله فيما يحل للمسلم فعله والآخر: أن لا يعينه على ما يعود ضرره على المسلمين (١) .

أما استئجار المشرك في الغزو فقد ورد النهي بذلك: ففي الحديث الذي رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بدر، فلما كان بحرة الوبرة (٢) أدركه رجل، قد كان يذكر منه جرأة ونجدة، ففرح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه. فلما أدركه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: جئت لأتبعك وأصيب معك قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "تؤمن بالله ورسوله "؟ قال: لا. قال: " فارجع فلن أستعين بمشرك " قالت: ثم مضى حتى إذا كنا بالشجرة أدركه الرجل فقال له كما قال أول مرة: فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كما قال أول مرة قال: " فارجع فلن أستعين بمشرك " قال: ثم رجع فأدركه بالبيداء فقال له كما قال أول مرة " تؤمن بالله ورسوله"؟ قال: نعم. قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "فانطلق" (٣) .

ولكن الحازمي (٤) قال: اختلف أهل العلم في هذا الباب:

فذهبت جماعة إلى منع الاستعانة بالمشركين مطلقاً، وتمسكوا بظاهر هذا. الحديث. وقالوا: هذا حديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وما يعارضه لا يوازيه في الصحة والثبوت فتعذر ادعاء النسخ لهذا.

وذهبت طائفة: إلى أن للإمام أن يأذن للمشركين أن يغزوا معه ويستعين بهم ولكن بشرطين:

(١) أن يكون في المسلمين قلة وتدعو الحاجة إلى ذلك.

(٢) أن يكونوا ممن يوثق بهم فلا تخش ثائرتهم.


(١) فتح الباري (٤/٤٥٢) .
(٢) موضع على بعد أربعة أميال من المدينة.
(٣) صحيح مسلم (٣/١٤٩٩ ح ١٨١٧) كتاب الجهاد.
(٤) هو الإمام أبو بكر محمد بن موسى بن عثمان بن حازم المعروف بالحازمي من رجال الحديث أصله من همذان، ولد سنة ٥٤٨ هـ وتوفى ببغداد سنة ٥٨٤ هـ: الأعلام للزركلى (٧/١١٧) الطبعة الرابعة

<<  <   >  >>