للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كأنه قال: لا يحب الله إلا من ظلم: أي لا يحب الظالم، بل يحب المظلوم.

والظاهر من الآية: أنه يجوز لمن ظلم أن يتكلم بالكلام الذي هو من السوء في جانب من ظلمه، ويؤيده الحديث الثابت في «الصحيح» بلفظ: «ليّ الواجد ظلم، يحل عرضه وعقوبته» «١» .

وأما على القراءة الثانية، فالاستثناء منقطع، أي إلا من ظلم في فعل أو قول فاجهروا له بالسوء من القول، في معنى النهي عن فعله، والتوبيخ له.

وقال قوم: معنى الكلام لا يحب الله أن يجهر أحد بالسوء من القول، لكن من ظلم فإنه يجهر بالسوء ظلما وعدوانا وهو ظالم في ذلك، وهذا شأن كثير من الظلمة فإنهم- مع ظلمهم- يستطيلون بألسنتهم على من ظلموه، وينالون من عرضه.

وقال الزجاج: يجوز أن يكون المعنى، إلا من ظلم فقال سوءا فإنه ينبغي أن يأخذوا على يديه «٢» .

[الآية الثامنة والثلاثون]

يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالًا وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٧٦) .

يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ: قد تقدم الكلام في الكلالة.


(١) حديث صحيح: رواه أبو داود (٣٦٢٨) ، والنسائي (٧/ ٣١٦، ٣١٧) ، وابن ماجة وأحمد (٤/ ٢٢٢، ٣٨٨، ٣٨٩) ، والحاكم (٤/ ١٠٢) ، والطبراني (٧٢٤٩) ، (٧٢٥٠) ، وابن حبان (١١/ ٤٨٦) (٥٠٨٩) ، وقال الحاكم: صحيح، ووافقه الذهبي. ورواه البخاري معلقا (٥/ ٦٢) ، وقال الحافظ: وصله أحمد وإسحاق في «مسنديهما» وأبو داود والنسائي من حديث عمرو بن الشريد بن أوس الثقفي عن أبيه بلفظه، وإسناده حسن، وذكر الطبراني: «أنه لا يروى إلا بهذا الإسناد» .
(٢) لحديث أبي بكر الصحيح الذي رواه أبو داود (٤٣٣٨) ، والترمذي (٢١٦٨، ٣٠٥٧) ، وابن ماجة (٤٠٠٥) ، وأحمد (١، ١٦، ٢٩، ٣٠، ٥٣) عن أبي بكر مرفوعا. وسيأتي تخريجه عند تفسير آية (١٠٥) من المائدة.

<<  <   >  >>