للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأن أربعة أخماس الغنيمة مقسومة على الغانمين، وأن قوله: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ نزلت حين تشاجر أهل بدر في غنائم بدر- على ما تقدمت الإشارة إليه» .

وقيل: إنها- أعني يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ- محكمة غير منسوخة، وأن الغنيمة لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وليست مقسومة بين الغانمين وكذلك لمن بعده من الأئمة. حكاه [المازري] «٢» عن كثير من المالكية.

قالوا: وللإمام أن يخرجها عنهم، واحتجوا بفتح مكة وقصة حنين. وكان أبو [عبيد] «٣» يقول: افتتح رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مكة عنوة، ومنّ على أهلها فردها عليهم، ولم يقسمها، ولم يجعلها فيئا.

وقد حكى الإجماع جماعة من أهل العلم «٤» ، على أن أربعة أخماس الغنيمة للغانمين، وممن حكى ذلك: ابن المنذر وابن عبد البر والداودي والمازري والقاضي عياض وابن العربي، والأحاديث الواردة في قسمة الغنيمة من الغانمين وكيفيتها كثيرة جدا.

قال القرطبي «٥» : ولم يقل أحد- فيما أعلم- إن قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ الآية ناسخ لقوله تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ الآية بل قال الجمهور: إن قوله: أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ، ناسخ، وهم الذين لا يجوز عليهم التحريف ولا التبديل لكتاب الله.

وأما قصة فتح مكة فلا حجة فيها لاختلاف العلماء في فتحها.

وأما قصة حنين، فقد عوض الأنصار لما قالوا: يعطي المغانم قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم نفسه؟! فقال لهم: «أما ترضون أن يرجع الناس بالدنيا وترجعون برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى بيوتكم؟» كما في مسلم وغيره «٦» . وليس لغيره أن يقول.

هذا القول بل ذلك خاص به.


(١) وذلك عن تفسيره للآية (١) من هذه السورة الكريمة.
(٢) وقع في المطبوعة (الماوردي) وهو خطأ، والتصويب من «تفسير القرطبي» (٨/ ٢) .
(٣) في المطبوعة (أبو عبيدة) وهو خطأ، وصوبناه من تفسير القرطبي (٨/ ٢) .
(٤) انظر: مراتب الإجماع للعلامة ابن حزم (ص ١٣٣) ط. دار الآفاق بيروت. [.....]
(٥) انظره في «تفسيره» (٨/ ٤٢٣) .
(٦) حديث صحيح: رواه البخاري (٨/ ٥٣) ، ومسلم (٧/ ١٥١، ١٥٢) عن أنس مرفوعا.

<<  <   >  >>