للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اختلف أهل العلم: هل هذا التخفيف نسخ أم لا؟ ولا يتعلق بذكر ذلك كثير فائدة «١» .

أخرج البخاري والنحاس في «ناسخه» وابن مردويه والبيهقي في «سننه» «٢» عن ابن عباس قال: «نزلت إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ [الأنفال: ٦٥] شق ذلك على المسلمين حين فرض عليهم أن لا يفر واحد من عشرة فجاء التخفيف بقوله: الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ الآية. قال: فلما خفف الله عنهم من العدة نقص من الصبر بقدر ما خفف عنهم» .

[الآية الثانية عشرة] ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٧) .

ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ: هذا حكم آخر من أحكام الجهاد.

ومعنى ما كان لنبي: ما صح له وما استقام.

والأسرى جمع أسير. ويقال في جمع أسير أيضا: أسارى بضم الهمزة وبفتحها، وهو مأخوذ من الأسر، وهو القد «٣» ، لأنهم كانوا يشدون به الأسير.

وقال أبو عمرو بن العلاء: الأسرى هم غير الموثقين عند ما يؤخذون، والأسارى هم الموثقون ربطا.

والإثخان كثرة القتل والمبالغة فيه، يقال: أثخن فلان في هذا الأمر، أي بالغ فيه.


(١) انظر: الناسخ والمنسوخ لابن العربي (٢/ ٢٢٩، ٢٣١) .
وانظر في سبب نزول هذه الآية (البخاري ٩/ ٣٠٢) ، والمطالب العالية (٣/ ٣٣٦) ، وعزاه لابن راهويه، ورواه أيضا ابن الجارود في «المنتقى» (ص ٣٥٠) وابن إسحاق (٨٢/ ق) وسيرة ابن هشام (١/ ٦٧٦) ، وأبو داود (٢/ ٣٤٩) ، وابن جرير (١٠/ ٤٠) .
(٢) حديث صحيح: رواه البخاري (٨/ ٣١٢) ، والطبري في «تفسيره» (٩/ ٧٦) .
(٣) القدّ: هو الشقّ الممتد الطويل. [صحاح: قد] . [.....]

<<  <   >  >>