للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهب غيره من أهل العلم إلى أن المراد المسجد الحرام نفسه، فلا يمنع المشركون من دخول سائر الحرم.

وقد اختلف أهل العلم في دخول المشرك غيره من المساجد؟ فذهب أهل المدينة إلى منع كل مشرك عن كل مسجد.

وقال الشافعي: الآية عامة في سائر المشركين، خاصة في المسجد الحرام. فلا يمنعون من دخول غيره من المساجد.

قال ابن العربي: وهذا جمود منه على الظاهر، لأن قوله: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ تنبيه على العلة بالشرك والنجاسة! ويجاب عنه بأن هذا القياس مردود بربطه صلّى الله عليه وآله وسلّم لثمامة بن أثال في مسجده «١» ، وإنزال وفد ثقيف فيه «٢» .

وروي عن أبي حنيفة مثل قول الشافعي، وزاد أنه يجوز دخول الذمي سائر المساجد من غير حاجة، وقيده الشافعي بالحاجة. وقال قتادة: إنه يجوز ذلك للذمي دون المشرك. وروي عن أبي حنيفة أيضا أنه يجوز لهم دخول الحرم. ثم هو نهي للمسلمين عن أن يمكنوهم من ذلك، فهو من باب قولهم: لا أرينّك هنا.

بَعْدَ عامِهِمْ هذا فيه قولان:

أحدهما: أنه سنة تسع، وهي التي حج فيها أبو بكر على الموسم.

الثاني: أنه سنة عشر، قاله قتادة.

قال ابن العربي: وهو الصحيح الذي يعطيه مقتضى اللفظ. وإن من العجب أن يقال: إنه سنة تسع، وهو العام الذي وقع فيه الأذان. ولو دخل غلام رجل داره يوما


(١) حديث صحيح: رواه البخاري (١/ ٥٥٥، ٥٦٠) ، (٥/ ٧٥) ، (٨/ ٨٧) عن أبي هريرة مرفوعا، وفيه جواز إنزالهم في المسجد.
(٢) حديث إسناده ضعيف: علته عنعنة الحسن البصري وهو مدلس، وكذلك روي معضلا عن ابن إسحاق.
ورواه أبو داود (٣٠٢٦) : وأحمد في «المسند» (٤/ ٢١٨) ، عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص.
ورواه ابن هشام في «السيرة» (٢/ ٢٢٥، ٢٢٦) ، عن ابن إسحاق معضلا.

<<  <   >  >>