للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ: في ضمن خلق أبيكم آدم عليه السلام.

مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ: أي من مني، سمي نطفة لقلته. والنطفة: القليل من الماء قد يقع على الكثير منه، والنطفة: القطرة.

ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ: هي الدّم الجامد «١» .

والعلق الدم العبيط، أي الطري المتجمد.

وقيل: الشديد الحمرة. والمراد الدم المتكون من المني.

ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ: هي القطعة من اللحم قدر ما يمضغ الماضغ، تتكون من العلقة.

مُخَلَّقَةٍ بالجر صفة لمضغة، أي مستبينة الخلق ظاهرة التصوير.

وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ: أي لم يتبين خلقها ولا ظهر تصويرها.

قال ابن الأعرابي: مخلقة يريد قد بدا خلقها وغير مخلقة لم تصور.

قال الأكثر: ما أكمل خلقه بنفخ الروح فهو المخلقة وهو الذي ولد لتمام، وما سقط كان غير مخلقة، أي غير حي بإكمال خلقته بالروح.

قال الفراء: مخلقة تامة الخلق، وغير مخلقة السقط. ومنه قول الشاعر:

أفي غير المخلقة البكاء ... فأين الحزم ويحك والحياء؟

والمعنى إنا خلقناكم على هذا النمط البديع «٢» .

لِنُبَيِّنَ لَكُمْ كمال قدرتنا على ما أردنا كإحياء الأموات وبعثهم، فآمنوا بذلك وتيقنوا، والآية من شواهد البعث بعد الموت.


(١) قال الخليل: العلق: الدّم قبل أن ييبس، الواحدة علقة، وهكذا تصير النطفة.
وقال أبو عبيد: العلق من الدم ما اشتدت حمرته.
وقال الأزهري: العلقة: الدم الجامد الغليظ، ومنه قيل للدابة التي تكون في الماء: علقة، لأنها حمراء كالدّم، وكل دم غليظ علق. وانظر: تهذيب اللغة (١/ ٢٤٣) ، ومعاني النحاس (٤/ ٣٧٧) .
(٢) انظر: الطبري (١٧/ ١١٧) ، والدر (٤/ ٣٤٥) ، والزجاج (٣/ ٤١٢) ، والفراء (٢/ ٢١٥) ، وابن كثير (٥/ ٣٩١) .

<<  <   >  >>