للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ: استعار الرمي للشتم بفاحشة الزنا لكونه جناية بالقول ويسمى هذا الشتم بهذه الفاحشة قذفا.

والمراد بالمحصنات النساء، وخصهن بالذكر لأن قذفهن أشنع والعار فيهن أعظم.

ويلحق الرجال بالنساء في هذا الحكم بلا خلاف بين علماء هذه الأمة.

وقد جمع شيخ شيخنا الشوكاني في ذلك رسالة رد بها على بعض المتأخرين من علماء القرن الحادي عشر لما نازع في ذلك.

وقيل: إن الآية تعم الرجال والنساء، والتقدير الأنفس المحصنات، ويؤيده قوله تعالى في آية أخرى: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ [النساء: ٢٤] ، فإن البيان بكونهن من النساء يشعر بأن لفظ المحصنات يشمل غير النساء وإلا لم يكن للبيان كثير معنى.

وقيل: أراد بالمحصنات الفروج كما قال: وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها [الأنبياء: ٩١] ، فتتناول الآية الرجال والنساء تغليبا.

وفيه أن تغليب النساء على الرجال غير معروف في لغة العرب.

والمراد بالمحصنات هنا العفائف. وقد مضى في سورة النساء ذكر الإحصان وما يحتمله من المعاني.

وللعلماء في الشروط المعتبرة في المقذوف والقاذف أبحاث مطولة في كتب الفقه منها ما هو مأخوذ من دليل، ومنها ما هو مجرد رأي بحت.

وذهب الجمهور من العلماء إلى أنه لا حدّ على من قذف كافرا أو كافرة.

وقال الزهري وسعيد بن المسيب وابن أبي ليلى: إنه يجب عليه الحد وكذا ذهبوا إلى أن العبد يجلد أربعين جلدة.

وقال ابن مسعود وعمر بن عبد العزيز وقبيصة: يجلد ثمانين جلدة.

قال القرطبي «١» : وأجمع العلماء على أن الحر لا يجلد للعبد إذا افترى عليه لتباين مرتبتهما.


وتفسيقه. (معاني القرآن ٤/ ٥١٠) .
(١) انظر: التفسير (١٢/ ١٩٧) .

<<  <   >  >>