للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ودخل الحسين على الوليد، وعنده مروان، فجلس الى جانب الوليد، فاقراه الوليد الكتاب، فقال الحسين: ان مثلي لا يعطى بيعته سرا، وانا طوع يديك، فإذا جمعت الناس لذلك حضرت، وكنت واحدا منهم.

وكان الوليد رجلا يحب العافيه، فقال للحسين: فانصرف اذن حتى تأتينا مع الناس، فانصرف.

فقال مروان للوليد: عصيتني، وو الله لا يمكنك من مثله ابدا.

قال الوليد: ويحك، اتشير على بقتل الحسين بن فاطمه بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليهما السلام؟ والله ان الذى يحاسب بدم الحسين يوم القيامه لخفيف الميزان عند الله.

وتحرز ابن الزبير في منزله، وراوغ الوليد حتى إذا جن عليه الليل سار نحو مكة، وتنكب الطريق الأعظم فاخذ على طريق الفرع.

ولما اصبح الوليد بلغه خبره، فوجه في اثره حبيب بن كدين في ثلاثين فارسا، فلم يقعوا له على اثر، وشغلوا يومهم ذلك كله بطلب ابن الزبير.

فلما امسوا، واظلم الليل مضى الحسين رضى الله عنه أيضا نحو مكة، ومعه أختاه: أم كلثوم، وزينب وولد أخيه، واخوته ابو بكر، وجعفر، والعباس، وعامه من كان بالمدينة من اهل بيته الا أخاه محمد بن الحنفيه، فانه اقام.

واما عبد الله بن عباس فقد كان خرج قبل ذلك بايام الى مكة.

وجعل الحسين رضى الله عنه يطوى المنازل، فاستقبله عبد الله بن مطيع، وهو منصرف من مكة يريد المدينة، فقال له: اين تريد؟.

قال الحسين: اما الان فمكه.

قال خار [١] الله لك، غير انى أحب ان أشير عليك براى.

قال الحسين وما هو؟.

قال: إذا اتيت مكة فاردت الخروج منها الى بلد من البلدان، فإياك والكوفه، فإنها بلده مشئومه، بها قتل ابوك، وبها خذل اخوك، واغتيل بطعنه كادت


[١] جعل لك الخير.

<<  <   >  >>