للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالكتاب، وحكى له ما فيه، فامر عبيد الله بن زياد بطلب الرسول، فطلبوه، فاتوه به، فضربت عنقه.

ثم اقبل حتى دخل المسجد الأعظم، فاجتمع له الناس، فقام، فقال:

انصف القاره [١] من راماها،

يا اهل البصره ان امير المؤمنين قد ولانى مع البصره الكوفه، وانا سائر إليها، وقد خلفت عليكم أخي عثمان بن زياد، فإياكم والخلاف والارجاف، فو الله الذى لا اله غيره، لئن بلغنى عن رجل منكم خالف او ارجف لاقتلنه ووليه، ولاخذن الأدنى بالأقصى، والبريء بالسقيم حتى تستقيموا، وقد اعذر من انذر. ثم نزل، وسار.

وخرج معه من اشراف اهل البصره شريك بن الأعور والمنذر بن الجارود، فسار حتى وافى الكوفه، فدخلها، وهو متلثم.

وقد كان الناس بالكوفه يتوقعون الحسين بن على ع، وقدومه، فكان لا يمر ابن زياد بجماعه الا ظنوا انه الحسين فيقومون له، ويدعون ويقولون: مرحبا بابن رسول الله، قدمت خير مقدم.

فنظر ابن زياد من تباشيرهم بالحسين الى ما ساءه، واقبل حتى دخل المسجد الأعظم، ونودى في الناس، فاجتمعوا، وصعد المنبر، فحمد الله واثنى عليه، ثم قال:

يا اهل الكوفه، ان امير المؤمنين قد ولانى مصركم، وقسم فيئكم فيكم، وأمرني بانصاف مظلومكم، والاحسان الى سامعكم ومطيعكم، والشده على


[١] القاره: قوم رماه من العرب، وفي المثل: قد انصف القاره من راماها، وقد زعموا ان رجلين التقيا، أحدهما قارى والآخر اسدى، فقال القاري: ان شئت صارعتك، وان شئت سابقتك، وان شئت راميتك، فقال اخترت المراماة، فقال القاري: قد أنصفتني وانشد:
قد انصف القاره من راماها ... انا إذا ما فئة نلقاها
نرد أولاها على اخراها
ثم انتزع له سهما فشك فؤاده.

<<  <   >  >>