للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال الحجاج لمن كان عنده:

ما نظرت الى هذا قط، الا اشهيت ان اضرب عنقه.

وكان عامر الشعبى حاضرا.

وان عبد الرحمن لما خرج قعد بالباب حتى خرج الشعبى، فقام عبد الرحمن اليه.

فقال له: هل ذكرني الأمير بعد خروجى من عنده بشيء؟

فقال الشعبى: أعطني عهدا وثيقا الا يسمعه منك احد.

فاعطاه ذلك.

فاخبره بما كان الحجاج قال فيه.

فقال عبد الرحمن:

والله لاجهدن في قطع خيط رقبته.

ثم ان عبد الرحمن دب في عباد اهل الكوفه وقرائهم، فقال:

ايها الناس، الا ترون هذا الجبار يعنى الحجاج وما يصنع بالناس؟

الا تغضبون لله؟ الا ترون ان السنه قد أميتت، والأحكام قد عطلت، والمنكر قد اعلن، والقتل قد فشا؟ اغضبوا لله، واخرجوا معى، فما يحل لكم السكوت.

فلم يزل يدب في الناس بهذا وشبهه حتى استجاب له القراء والعباد، وواعدهم يوما يخرجون فيه.

فخرجوا على بكره ابيهم، واتبعهم الناس، فساروا حتى نزلوا الاهواز، ثم كتبوا الى الحجاج:

خلع الملوك وسار تحت لوائه ... شجر العرى وعراعر الأقوام [١]

فأرسل الحجاج كتابه الى عبد الملك بن مروان.

فكتب عبد الملك في جوابه:

وانى وإياهم كمن نبه القطا ... ولو لم ينبه باتت الطير لا تسرى [٢]

اخال صروف الدهر للحين منهم ... ستحملهم منى على مركب وعر


[١] جمع عرور بضم الاول والثانى وهو الاجرب.
[٢] القطا: طائر ومفرده قطاة.

<<  <   >  >>