للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فتح بخارى وسمرقند]

وكان على خراسان من قبل الحجاج قتيبة بن مسلم الباهلى.

فكتب اليه الحجاج يأمره بعبور النهر نهر بلخ، وان يفتح تلك البلاد. فاستعد قتيبة، وسار في المفازة التي بين مدينه مرو وبين مدينه آمويه، وهي ذات رمال وغضى [١] ، فصار الى آمويه، ثم عبر النهر وسار الى بخارى.

وكان ملك تلك الارضين يسمى صول وكان ملكه على جميع ما وراء النهر، فلقيه الملك، فحاربه قتيبة، فهزمه، وهرب صول نحو الصغانيان.

فاحتوى قتيبة على بخارى وحيزها، فولى عليها رجلا.

وسار حتى وافى بلاد السغد [٢] ، فأناخ على مدينتها العظمى، وهي سمرقند، فحاصرها أشهرا.

فوجه اليه دهقانها [٣] : انك لو اقمت على مدينتي هذه عمرك لم تصل إليها، لأنا نجد في كتب آبائنا، انه لا يقدر عليها الا رجل اسمه بالان، لست اياه، فامض لشأنك.

فزعموا ان قتيبة احتال لما يئس من مكابرتها، فهيأ صناديق، وجعل لها أبوابا من أسافلها، تغلق من داخل، وتفتح، وجعل في كل صندوق رجلا مستلئما، معه سيفه، واقفل أبوابها العليا.

ثم ارسل الى الدهقان: اما إذا كان هذا هكذا، فانى راحل عنك الى الصغانيان، وناحيتها، ومعى فضول اموال وسلاح، فوادعنى، واحرز هذه الصناديق عندك الى عودي ان سلمت.

فأجابه الى ذلك، وتقدم قتيبة الى الرجال ان يفتحوا أبواب الصناديق في جوف الليل، فيخرجوا، ثم يصيروا الى باب المدينة فيفتحوه.

وامر الدهقان بالصناديق، فادخلت المدينة.


[١] مفرده غضاه وهي الشجرة، والارض الغضياء كثيره الشجر.
[٢] السغد بالضم: بساتين نزهه واماكن مثمره، حول سمرقند، ومنها على بن الحسين وكامل ابن مكرم واحمد بن حاجب المحدثون.
[٣] الدهقان بالضم وبالكسر لغة، القوى على التصرف مع حده، وهو زعيم فلاحى العجم، ورئيس الإقليم، لفظ معرب.

<<  <   >  >>